مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ٩١
هذا مال ابن الإمام في شرح ابن الحاجب. قال: وقول ابن العربي في مسالكه إن الطهور إذا خالطه مائع لا يخالف لونه وطعمه وريحه كالعرق وماء الشجر، فالظاهر أنه طهور بعيد لاطلاقه وإن كانت صورة كون المخالط أكثر غير مرادة لقوله بعده: وإذا كان المخالط أكثر تبعه الماء لان المساواة مانعة من التبعية ولاستلزامه صحة الطهارة فيما قال سند: إنه لا يتطهر به انتهى. وفي كلام ابن عبد السلام أيضا إشارة إلى ذلك فتأمله والله أعلم. ص: (وفي التطهير بماء جعل في الفم قولان) ش: قوله: بماء الظاهر فيه أنه بالهمزة والمد، وهو الذي في أكثر النسخ، ويصح أن يقرأ بغير همز فيكون ما اسما موصولا بمعنى الذي وفيه بعد وتكلف لأنه يحتاج إلى تقدير موصوف أي وفي التطهير بالماء الذي جعل في الفم قولان. قال في التوضيح: والقولان راجعان إلى خلاف في حال هل يمكن أن ينفك الماء عما يضيفه أم لا، والجواز رواه موسى بن معاوية عن ابن القاسم والمنع رواه أشهب عن مالك في العتبية، واتفقا على أنه لو تحقق التغير لأثر انتهى.
وكأنه يعني - والله أعلم - لو تحقق أنه حصل من الريق قدر لو كان من غير الريق لغير الماء، ولان الريق لا يغير الماء إلا أن يكثر جدا حتى يظهر لعابه في الماء فالظاهر أنه إنما أراد ما ذكرنا، وهكذا قال ابن الإمام: إنه لو طال مكث الماء في فمه أو حصل منه مضمضة لانتفى الخلاف لغلبة الريق، وقيد غيره أيضا الخلاف بأن لا يكون في الفم نجاسة وهو ظاهر، والظاهر مع هذين القيدين القول بالجواز. ونقل الشارح في الصغير عن المصنف أنه قال: والظاهر الطهورية لأنها أصل انتهى.
تنبيهان: الأول: قال ابن الإمام: مقتضى كلام ابن الحاجب ثبوت الخلاف في تطهير الحدث والخبث به وهو ظاهر كلمعة ذكرها حيث لا يمكنه الاخذ إلا بفيه لقطع يديه أو نجاستهما، وتقييد طائفة من الأشياخ الخلاف بتطهير الخبث إن كان لأنه الواقع في الروايات فظاهر، وإن كان لأنه مضاف فغير صحيح انتهى. ورواية أشهب عن مالك في آخر سماعه، ورواية موسى عن ابن القاسم في سماعه، وكلاهما في كتاب الطهارة. وأطلق المصنف وغيره عليهما القولين مع أن أحدهما رواية والله أعلم.
الثاني: دل كلام التوضيح السابق وكلام ابن الإمام على أن الفرق بين هذه المسألة والتي قبلها الشك في حصول القدر الذي يغلب على الظن تأثيره من المخالط الموافق بخلاف المسألة السابقة. وقال البساطي: الفرق بينهما احتمال المخالط الموافق هنا، وهناك فرض وقوعه. ثم قال:
فإن قلت هذا أن الخلاف خلاف في حال، فإن كان خلافا حقيقيا وهو أن يتفق ابن القاسم
(٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 ... » »»
الفهرست