يكون طاهرا أو نجسا وإما أن يكون الماء قليلا أو كثيرا أجره على ما تقدم. ثم ذكر عن ابن عبد السلام أنه صور المسألة بصورتين: إحداهما أن يخالط الماء ما هو موافق بصفته كالرياحين المقطوعة الرائحة، والثانية أن يكون الماء متغيرا بما لا ينفك عنه فيخالطه مائع مخالط لصفته.
قال ابن عبد السلام: واعلم أن الأصل التمسك ببقاء أوصاف الماء حتى يتحقق زوالها أو يظن كما لو كان المخالط للماء هو الأكثر. قال: ولا تقدر الأوصاف الموافقة مخالفة لعدم الانضباط مع التقدير إذ يلزم إذا وقعت نقطة أو نقطتان من ماء الزهر أو لا تؤثر لأنها لا تغير الماء، ولو كانت من ماء الورد لأثرت لأنها تغيره، وكذلك ربما غيره مقدار من ماء الورد ولم يغيره ذلك المقدار من ماء آخر من مياه الورد لرداءته، فلو روعي مثل هذا لما انضبط والشريعة السمحة تقتضي طرح ذلك. قال المصنف: وفيه نظر، لأنه إذا قدرناه بالوسط - كما هو الأصح عند الشافعية - وجعلنا الماء كأنه غير مغير في صورة ما إذا كان مغيرا بقراره لم يلزم ما ذكره. هذا ملخص ما ذكره في التوضيح في هذه المسألة، وجعل ابن راشد من صور المسألة البول إذا ذهبت رائحته حتى صار كالماء. قال ابن فرحون: وهذا مشكل. وذكر عن الشيخ أبي علي ناصر الدين أن المخالط إذا كان نجسا فالماء نجس مطلقا.
قلت: وظاهر كلامهم أن النظر في جعل المخالط الموافق كالمخالف ولو غلب على الظن أن ذلك المخالط لو كان باقيا على أوصافه لغير الماء وهذا مشكل، والذي يظهر لي أنه يفصل في المسألة، فإن حصل الشك في ذلك المخالط هل يسلب الطهورية لو كان باقيا على أوصافه فيمكن أن يقال كما قال ابن عطاء الله: إنه إن وجد غيره لم يستعمله وإن لم يجد استعمله وتيمم وهذا على وجه الاحتياط. وقد يقال: الأصل في الماء الطهورية حتى يغلب على الظن حصول ما يسلبها وهذا هو الذي يأتي على قول ابن القاسم في المسألة التي بعدها أعني مسألة الريق. وأما حيث يغلب على الظن شئ في أمر المخالط فينبغي أن يعمل عليه فإن كان الماء كثيرا والمخالط يسيرا بحيث يغلب على الظن أنه لو كان باقيا على صفاته لم يغير الماء فإن كان طاهرا فلا شك في جواز استعماله ولو كان غيره موجودا، وإن كان نجسا فينظر إلى كثرة الماء وقلته، فإن كان الماء كثيرا أكثر من آنية الوضوء والغسل فهو طهور بلا كراهة وإلا فهو مكروه لأنه ماء يسير حلته نجاسة ولم تغيره، وإن كان الماء قليلا والمخالط كثيرا بحيث يغلب على الظن أنه لو كان باقيا على أوصافه لغير الماء، فإن كان المخالط طاهرا كان الماء طاهرا غير مطهر، وإن كان الماء نجسا كان الماء نجسا. وفي كلام سند في مسألة ماء الزرجون إشارة إلى هذه، وكذا في كلام ابن عرفة فإنه قال:
وفي قول ابن الحاجب في تقديره موافق صفة الماء مخالفا نظر، لان الموافق قل أو كثر في قليل أو كثير الروايات والأقوال واضحة ببيان حكم صوره، ولا شك في عدم قصر الحكم على التغيير المحسوس ولذا قيل ما قيل في مسألة القابسي، وتقدير الموافق مخالفا قلب للحقائق كالمتحرك ساكنا انتهى. فيهم منه أنه ينظر إلى قدر المخالط ويبقى النظر في قدر ما يضر وما لا يضر، وإلى