الرابع: قول المصنف إن تأخرت شرط في جواز إيقاع النفل بالتيمم الذي يريد أن يصلي به الفرض وهذا مراد المصنف، ولا يعترض عليه بأن تأخر النفل، وما ذكر معه ليس شرطا في صحة النفل فإن النفل صحيح إذا قدمه على الفرض لكن لا يصلي بذلك التيمم الفرض الذي نواه على المشهور. فلم تيمم لفريضة ثم صلى نافلة فقال سند: النافلة نفسها صحيحة. فهل يصلي به الفريضة؟ فعندنا وعند الشافعي لا يصلي به الفرض وهذا مما يدل على عدم اشتراط نية لا النافلة عند التيمم الفريضة. وقال في المدونة قال مالك فيمن تيمم لفريضة فصلى قبلها نافلة: فليعد التيمم لأنه لما صلى النافلة قبل المكتوبة انتقض تيممه للمكتوبة. وقال فيمن تيمم للصبح ثم صلى الفجر قبلها يعيد التيمم لصلاة الصبح بعد ركعتي الفجر. وهذا لفظ الامام باختصار. فإن صلى بتيممه ذلك المكتوبة بعد أن صلى النافلة أو ركعتي الفجر فقال ابن يونس: قال في كتاب ابن المواز: يعيد أبدا. ثم قال: هذا خفيف وأرى أن يعيد في الوقت. قال: وإن تيمم لنافلة أو قراءة مصحف ثم صلى المكتوبة أعاد أبدا. وقال ابن سحنون: ابن القاسم فيمن تيمم لركعتي الفجر فصلى به الصبح أو تيمم لنافلة فصلى به الظهر أنه يعيد في الوقت. وقال البرقي عن أشهب: تجزئه صلاة الصبح بتيمم ركعتي الفجر ولا يجزئه إذا تيمم لنافلة أن يصلي به الظهر. وقال ابن حبيب: إذا تيمم لنافلة فصلى به فريضة أعاد أبدا، وإن تيمم لفريضة فتنفل قبلها أعاد في الوقت. انتهى. كلام ابن يونس ونحوه في التوضيح، ونقله ابن عرفة وغيره. ومحصله أن من تيمم لفريضة فصلى قبلها نافلة أو ركعتي الفجر، أو تيمم لنافلة أو ركعتي الفجر ثم صلى بعد ذلك فريضة فقال في الموازية: يعيد أبدا في الصورة الأولى فيعيد في الثانية أبدا من باب أولى. ثم رجع فقال:
يعيد في الصورة الأولى في الوقت وفي الثانية أبدا. وقاله ابن حبيب أيضا. وقال سحنون:
يعيد في الصورة الثانية.
الخامس: فهم من قول المصنف وجاز جنازة وسنة أنه يصح إيقاع السنة بتيمم النافلة وهو كذلك، فقد أجاز ابن القاسم في المجموعة لمن تيمم لنافلة أن يوتر بتيممه. قال سند بعد كلامه المتقدم أعني قوله إذا قلنا لا يجمع بين فرضين، فهل يجمع بين فرض وسنة أو فرض معين أو فرض على الكفاية؟ المذهب أنه يجمع إذا قدم المكتوبة ما نصه: وهل يستحب له أن لا يجمع يختلف فيه؟ قال سحنون عن أبيه: من تيمم للعتمة يستحب له أن لا يصلي بذلك الوتر فإن فعل فلا إعادة عليه. وفي الواضحة: له أن يوتر بتيمم العشاء ويصلها من النفل بما شاء انتهى. وما تقدم عن ابن القاسم أقوى، وعلى هذا فما ذكره عن الواضحة هو الموافق لقول ابن القاسم وهو الذي مشى عليه المصنف وابن الحاجب.
السادس: إذا جاز إيقاع السنة بتيمم النافلة فإيقاع السنة بتيمم السنة أولى وهذا واضح.
ووقع في التوضيح ما يوهم خلاف ذلك فإنه لما تكلم على مسألة من صلى فرضين بتيمم واحد