مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ٣١٢
قلت: تقدم أنه يصح تصويب مذهبه على كلا الضبطين لأنه إن كان بالفتح فهو إشارة إلى الفعل، وإن كان بالسكون فهو إشارة إلى جواب مالك، غير أن السكون يترجح بقول القاضي عياض رويناه والله تعالى أعلم.
تنبيه: ظاهر قوله في التنبيهات: يعيد الوضوء أن وضوءه انتقض. قال ابن ناجي: ومثله نقل ابن يونس عنه بلفظ انتقض وضوؤه كنزع الخف ونقله اللخمي عنه واختاره أنه يمسح رأسه لا أنه انتقض وضوؤه بنفس الإزالة.
قلت: فيتحصل في المسألة ثلاثة أقوال، وكذا يحكي ابن عرفة في المسألة ثلاثة أقوال فقال: ولو حلقه ففي إعادة مسحه ثالثها يبتدئ الوضوء، وعن الأول منها وهو إعادة مسحه فقط لنقل اللخمي عن عبد العزيز بن أبي سلمة واختيار اللخمي، والثاني وهو عدم إعادة مسحه للمذهب، والثالث وهو إعادة الوضوء لنقل عياض عن عبد العزيز. ونقل ابن يونس عنه أيضا أنه انتقض وضوؤه كنزع الخف. وظاهر كلام ابن عرفة وابن ناجي أن الوضوء يبطل في القول الثالث، ولو أعاد غسل موضع الأظفار ومسح الرأس بالقرب وهو بعيد إلا على قول من قال:
إن الوضوء يبطل بنزع الخف وإن غسل ما تحته بالقرب وهو ضعيف. ولم أر من قال: إن عبد العزيز يقول بذلك، ولعل مراد ابن يونس وعياض بما نقلاه عنه أنه ينتقض وضوؤه مع الطول والله تعالى أعلم. واختيار اللخمي الذي أشار إليه ابن عرفة وهو قوله بعد مسألة من قطعت يده أو بضعة منه الآتية، وكذلك من كانت له وفرة فحلقها قبل أن يصلي فإنه يعيد المسح انتهى.
والمذهب أنه لا إعادة عليه، ووجه المذهب أن الفرض قد سقط بمسح الرأس فلا يعود بزوال شئ منه كما إذا مسح وجهه في التيمم أو غسله في الوضوء ثم قطع أنفه، ولان الصحابة ومن بعدهم كانوا يحلقون بمنى ثم ينزلون إلى طواف الإفاضة، ولم ينقل عنهم أن أحدا منهم أعاد مسح رأسه إذا حلقه لطهارة الوضوء، ولأنه لا يعيده لطهارة الجنابة وهي كانت أولى، لان منابت الشعر لم تغسل وهي من البشرة المأمور بغسلها. فإن قيل: فما الفرق على المذهب بين هذه المسألة وبين مسألة نزع الخف وسقوط الجبيرة؟ والجواب أن مسح الشعر أصل في الوضوء كما تقدم، وكذلك غسل الأظفار بخلاف مسح الخف فإنه بدل فسقط اعتباره عند ظهور الأصل والله تعالى أعلم.
تنبيهان: الأول: ظاهر كلام صاحب الطراز، أن من حلق رأسه أو قلم ظفره بعد غسل الجنابة لم يعد غسل ذلك اتفاقا فإنه ذكر ذلك في معرض الاحتجاج به على المخالف، وإنما يصح الاحتجاج بما هو متفق عليه.
الثاني: عبد العزيز بن أبي مسلمة من أصحاب مالك. قال ابن فرحون: وليس هو كما
(٣١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 307 308 309 310 311 312 313 314 315 316 317 ... » »»
الفهرست