مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ٣٠٨
قلت: وقيل: إنهما مؤخرا الرجل حكاه في الطراز قال: وينسب لمالك أيضا. ثم قال:
والمشهور في المذهب هو المشهور في اللغة، ولان الكعب ما نتأ وظهر وهو مأخوذ من التكعب وهو الظهور ومنه سميت الكعبة، ويقال امرأة كاعب إذا ارتفع ثديها. ولا شك أن ارتفاع اللذين في طرف الساق أظهر، ولان الأرجل في قوله تعالى: * (وأرجلكم) * اسم جنس أضيف واسم الجنس إذا أضيف عم، والعام يقع الحكم فيه على كل فرد فرد، فيكون كل رجل معناه إلى الكعبين وهذا يقتضي أن يكون في كل رجل كعبان. ذكر ابن رشد أنه ظهر له هذا الاستدلال في مجلس الربعي بالإسكندرية، فما بقي في المجلس إلا من استحسن ذلك وبلغ ذلك القرافي فاستحسنه. وقال في الذخيرة: لو كان المراد ما في ظهر القدم لقال إلى الكعاب كما قال: إلى المرافق لان لكل رجل حينئذ كعبين، كما أن لكل يد مرفقا فيقابل الجمع بالجمع، فلما عدل عنه إلى التثنية حمل على أن المراد الكعبان اللذان في طرف الساق فيصير المعنى اغسلوا كل رجل إلى ساقها.
تنبيهات: الأول: قال ابن فرحون: كلام ابن الحاجب وابن شاس وابن بشير والباجي وغيرهم من اللذين يحكون الخلاف في الكعبين يقتضي أن الخلاف في ذلك خلاف في منتهى الغسل، وإن في المذهب من يقول ينتهي الغسل إلى الكعب الذي عند معقد الشراك، وهذا لم يقل به أحد في المذهب ولا خارجه، ونقل ابن الفرس أن الكعبين اللذين إليهما انتهى حد الوضوء هما الناتئان في الساقين بالاجماع. ونقل الزناتي أيضا اتفاق العلماء على أنهما اللذان في جنبي الساقين، وعلى هذا فلا فائدة في ذكر الخلاف لأنه على تقدير ثبوته راجع إلى اللغة، وكذا قال الزناتي: فثبت أنه لا خلاف في جوب غسل الكعب الناتئ عند معقد الشراك وما فوقه إلى الكعبين على ما نقله ابن الفرس والزناتي من الاجماع، وكلام من تقدم يؤذن بالخلاف فيه انتهى. ونقله الشيخ زروق في شرح الرسالة وقال: تأمله فإنه حسن. وقال الشارح في الكبير: وعلى القول بأنهما اللذان عند معقد الشراك فلا خلاف في دخولهما في الغسل انتهى.
الثاني: قال ابن فرحون: أورد الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد على ابن الحاجب أنه عد غسل الرجلين في الفرائض مع أن غسلهما على التعيين ليس بفرض لجواز تركه بالمسح على الخفين، فينبغي أن يقال: الواجب أحد أمرين إما الغسل أو المسح على الخفين.
قلت: وهذا ليس بظاهر لان مسح الخفين ليس بواجب وإنما هو رخصة والواجب غسل الرجلين فتأمله والله تعالى أعلم (وندب تخليل أصابعهما) يعني أن تخليل أصابع الرجلين
(٣٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 303 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 ... » »»
الفهرست