قلت: حديث عمار رواه الترمذي وابن ماجة وهو معلول، وقد ورد من طرق كثيرة ولكن قال ابن حجر قال عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه، ليس في تخليل اللحية شئ صحيح. وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: لا يثبت عن النبي (ص) في تخليل اللحية شئ انتهى.
قلت: وقول مالك المتقدم يشهد لما قاله الإمام أحمد وأبو حاتم ونقل ابن ناجي عن أبي الحسن الصغير إن ظاهر قول الرسالة وليس عليه تخليلها في الوضوء في قول مالك إنه يستحب. قال ابن ناجي: والأقرب أنه أراد دلالة ذلك وكثيرا ما يتسامح هو وغيره في مثل هذا ولا سيما ابن الجلاب. وإنما قلنا ذلك لان الاستحباب لم يقل به مالك فيما علمت وإنما هو لابن حبيب وله نحوه في شرح الرسالة. قال: وقول الشيخ في قول مالك إشارة منه إلى عدم ارتضائه بذلك لقول ابن الحاجب قالوا: والمذهب والله أعلم. وقيل: إن تخليلها سنة ذكره ابن ناجي في شرح المدونة عن الزناتي شارح المدونة. وقال لا أعرفه. ويظهر من كلامهم ترجيح القول بالكراهة وكلام المصنف لا يأباه فيحمل عليه والله أعلم. والخلاف في تخليل اللحية في الغسل يأتي في فصله إن شاء الله تعالى. وهذا كله في اللحية الكثيفة، فأما الخفيفة فيجب إيصال الماء لما تحتها قولا واحدا، وقاله ابن ناجي في شرح المدونة.
تنبيهات الأول: إذا قلنا بوجوب تخليل الكثيفة فهل ذلك حتى يصل الماء إلى داخل الشعر فقط أو لا بد من وصول الماء إلى البشرة؟ قال ابن ناجي في شرح المدونة: في ذلك قولان حكاهما المازري.
قلت: حكاهما ابن عرفة في باب الغسل عن المازري وذكر عن رواية ابن وهب عن مالك أنه قال: تخليلها واجب لايصال الماء إلى البشرة انتهى، وهو الذي يظهر من كلامهم.
الثاني: قال ابن ناجي أيضا، وهل يضرب أصابعه فيها من أعلاها أو من أسفلها؟ قولان لابن أبي زيد وابن شبلون.
الثالث: قال ابن فرحون في شرح ابن الحاجب: يجب على المرأة تخليل لحيتها وإن كانت كثيفة لندورها نقله عن أبي يعقوب في نزهة الطالب.
قلت: ولم أره لغيره وحكاه سند عن الشافعية.
الرابع: فإن قيل: ما الفرق بين المشهور رهنا وبين المشهور في الغسل فإنه يجب فيه تخليل الكثيف؟ فجوابه أن المطلوب في الغسل المبالغة لقوله تعالى * (فاطهروا) * (المائدة: 6) ولقوله (ص) تحت كل شعرة جنابة فاغسلوا الشعر وانقوا البشرة رواه الترمذي والنسائي وأبو داود، ولكن ضعفه أبو داود بخلاف الوضوء فإنه إنما أمر فيه بغسل الوجه والوجه مأخوذ من