بالذال المعجمة ما ينبت عليه الشعر الخفيف متصلا بالصدغ. وضابطه أن يضع طرف خيط على طرف الاذن والطرف الثاني على أعلى الجبهة، فأنزل عنه إلى جانب الوجه فهو موضع التحذيف، وسمي بذلك لأن النساء والاشراف يحذفون الشعر عنه ليتسع الوجه. قال النووي في منهاجه: صحح الجمهور أن موضع التحذيف من الرأس، فعلم من هذا أن الشعر الذي في الصدغين ليس من الوجه إلا ما كان داخلا من ذلك في دور الوجه كالأغم كما يفهم من كلام اللخمي. إذا علم ذلك فما استشكله ابن عبد السلام لا إشكال فيه فإنه قال، ولم يبينوا في المذهب حد الوجه من جهة الاذن إلى طرف الجبهة سوى ما تقدم من منابت الشعر المعتاد، وفي تلك الجهة ينبت الشعر عادة لغير الأغم. فإن نظرنا إلى ما حددوه في الطول لم يدخل، وإن نظرنا إلى ما حددوه في العرض على قول من يحده من الاذن إلى الاذن دخل، وللشافعية فيه اضطراب والنفس أميل إلى دخوله انتهى. وقد علم مما تقدم أنه ليس من الوجه لكن قال صاحب الجمع: ويمكن أن يقال: العادة جارية بغسله إما على أن ما لا يتوصل إلى الواجب إلا به فهو واجب، أو على أنه مطلوب لنفسه وقد علم أنه ليس من الوجه، فتحصل من هذا أن حد الوجه طولا من منابت شعر الرأس المعتاد سواء في الجبهة أو في الصدغ إلى آخر الذقن، وعرضا من الاذن إلى الاذن، وليس وتدا الاذن منه، ومنه البياض الذي بين العذار والاذن وطرف اللحى والأسفل الخارج من تحت الاذن في سمت الاذن كما يفهم من قول صاحب الطراز. وأخرج منه القاضي عبد الوهاب البياض الذي بين الصدغ والاذن واللحيين الخارجين من تحت الاذن في سمت الاذن، فجعل ذلك من الوجه. وأن القاضي أخرجه منه وقد تقدم عن البيان أن اللحى الأسفل من الوجه. واعلم أن الصدغ - بضم الصاد المهملة وسكون الدال المهملة وآخره غين معجمة - هو ما بين العين والاذن، كذا فسره في الصحاح، وبه فسره الفاكهاني في شرح الرسالة. فإذا كان كذلك فما كان منه دون العظم الناتئ فهو من الوجه، وما كان فوقه فهو من الرأس. وقولهم: يجب غسل البياض الذي بين الصدغ والاذن يعنون به ما كان تحت العظم الناتئ والله تعالى أعلم.
الثالث: قوله وظاهر اللحية يعني أنه يجب عليه غسل ظاهر اللحية ولو طالت. قال ابن رشد في سماع سحنون من كتاب الطهارة: وهذا هو المعلوم من مذهب مالك وأصحابه في المدونة وغيرها. وقيل: ليس عليه أن يغسل من لحيته إلا ما اتصل منها بوجهه لا ما طال منها وهو ظاهر ما في سماع موسى عن ابن القاسم عن مالك انتهى. ونقل الخلاف في ذلك صاحب الطراز وغيره، ونقل ابن عرفة كلام ابن رشد وجزم بنسبة الثاني لسماع موسى قال:
وقاله الأبهري وله نحو ذلك في مسح ما طال من شعر الرأس وأنه لا يجب إلا ما حاذى الممسوح من الرأس. قال ابن راشد: وخرج بعضهم الخلاف على قاعدة، وهي هل يعتبر الأصل فيجب، أو يعتبر المحاذي وهو الصدر فلا يجب؟ وقال ابن هارون: واعتبار الأصل أولى. والمراد