ومن أثبته أراد المعنى الثاني والله تعالى أعلم. وقال النووي: أجمعت الأمة على حرمة الصلاة وسجود التلاوة والشكر وصلاة الجنازة بغير طهارة، وما حكي عن الشعبي والبري من تجويز صلاة الجنازة من غير طهارة باطل والله تعالى أعلم.
الخامسة: للوضوء شروط وفروض وسنن وفضائل ومكروهات ومبطلات وهي نواقضه، وذكر المصنف في هذا الفصل فرائضه وسننه وفضائله، ويذكر نواقضه في فصل بعد هذا، ولم يذكر شروطه ولا مكروهاته فنذكر الشروط هنا لتقدم الشرط على المشروط، ونذكر المكروهات في آخر الفصل إن شاء الله تعالى فنقول: شروط الوضوء على ثلاثة أقسام: منها ما هو شرط في وجوبه وصحته معا، ومنها ما هو شرط في وجوبه فقط، ومنها ما هو شرط في صحته فقط.
فالأول خمسة على المشهور: بلوغ دعوة النبي (ص) والعقل وانقطاع دم الحيض وانقطاع دم النفاس ووجود ما يكفيه من الماء المطلق.
والثاني ستة: دخول وقت الصلاة الحاضرة وتذكر الفائتة والبلوغ وعدم الاكراه على تركه وعدم السهو والنوم عن العبادة المطلوب لها الوضوء والقدرة على استعمال الماء وثبوت حكم الحدث الموجب لذلك أو الشك فيه على المشهور كما سيأتي.
والثالث: هو الاسلام فقط على القول المشهور أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة وعلى مقابله يكون شرطا في الوجوب والصحة وشروط صحته كالوضوء والله تعالى أعلم.
وأما فرائض الوضوء فاختلف أهل المذهب في عددها فعدها ابن شاس وابن الحاجب وغيرهما ستة، الأعضاء الأربعة المذكورة في الآية الشريفة، والنية، والموالاة ويعبر عنها بالفور وجعلوا لذلك راجعا للغسل. وعدها ابن يونس وابن بشير وغيرهما سبعة الستة المذكورة والماء المطلق، وعدها ابن رشد ثمانية السبعة المذكورة والترتيب، وعدها غيره ثمانية أيضا لكنه جعل بدل الترتيب الجسد الطاهر، واقتصر صاحب الطراز على عد الأعضاء الأربعة قال: و أما النية فنعتها بالشرطية أظهر من نعتها بالفرضية، وكأنه رأى أن الدلك والموالاة يرجعان إلى صفة الغسل. وعدها المصنف سبعة، الأعضاء الأربعة والنية والدلك والموالاة، إلا أنه ذكر فيها قولين مشهورين ولم يعد الترتيب لان المشهور فيه أنه سنة على تفصيل سيأتي، ولم يعد الماء المطلق لأنه شرط وجوب كما تقدم، ولم يعد الجسد الطاهر كما عده الأبهري وغيره لان الذي ارتضاه في توضيحه في باب الغسل وابن عرفة هنا أنه لا يشترط طهارة المحل قبل ورود الماء لغسل الوضوء. قال ابن عرفة: وظاهر قول عبد الحق وبعض شيوخه في انغماس الجنب والمازري في نية رفع الحدث وإزالة النجاسة، وسماع ابن أبي زيد وابن القاسم لا بأس بوضوئه بطهور ينقله لأعضائه وبها ماء نجس. وقول ابن القاسم فيها في ماء توضأ به إن لم يجد غيره توضأ به