مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ٢٦
رحمة، وللنبي صلى الله عليه وآله وسلم تشريف وزيادة تكرمة. وقال أبو العالية: صلاة الله ثناؤه عليه عند ملائكته، وصلاة الملائكة الدعاء. وقيل: المراد بها الاعتناء بشأن المصلى عليه وإرادة الخير له، وهو الذي ارتضاه الغزالي، وصلاة العباد الأمور بها الدعاء بلفظ الصلاة خص الأنبياء بذلك تعظيما لهم، فعلى قول المبرد تكون الصلاة مرادفة للرحمة. وقد بحث في ذلك بعضهم أن الترادف يقتضى جواز الدعاء للنبي بلفظ الرحمة، وقد أنكر ذلك بعضهم كما سيأتي في بيانه في الكلام على التشهد إن شاء الله. وقد يقال: إن مراد المبرد بيان أصل معنى الصلاة وإن كان العرف يقتضى إنها إذا استعملت في حق النبي صلى الله عليه وآله وسلم دلت على معنى زائد على الرحمة كما أشار إلى ذلك تفسير القشيري، ولهذا قال بعضهم: الصلاة من الله رحمة مقرونة بالتعظيم، ومن الملائكة استغفار، ومن الآدميين تضرع ودعاء. والسلام التحية وفي معنى السلام عليه أوجه، إما بمعنى السلامة لك ومعك، أو اسلام مقول لك فيكون اسما له تعالى، أو بمعنى المسألة والانقياد لأمره، والصيغة المذكورة خبر ومعنا ها الدعاء والطلب. قال بعض العلماء:
وهل يحتاج في ذلك إلى استحضار نية الطلب وإخراج الكلام عن حقيقة الخبر؟ وأجاب:
بأنه إن كثر استعمال اللفظ في ذلك حتى صار كالمنقول في العرف لم يحتج إلى ذلك، وإلا فالأقرب الحاجة إليه.
فائدة: حذر بعض المتأخرين من الشافعية من استعمال لفظ التصلية بدل الصلاة وقال:
إنه موقع في الكفر لمن تأمله لأن التصلية الإحراق وقال: وقع في عبارة النسائي في جامع المختصرات وابن المقري في لإرشاد التعبير بها. قال: وسئل العلامة أو سلاة؟ فقال: لم تفه العرب يوما من أيامها بأن تقول: إذا أريد الدعاء أو الصلاة الشرعية أو الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم: صلى تصلية، وإنما يقولون: صلى صلاة، ومن زعم غير ذلك فليس بمصيب ولم يظفر من كلام العرب بأذني نصيب، وحينئذ لا يلتفت إليه ولا يعرج عليه ولا يعتمد ما لديه ولو أنه نفطويه، انتهى. ثم قال: ويخاف الكفر على من أصر على إقامة التصلية مقام الصلاء بعد التعريف انتهى. وأصال الكلام في ذلك.
مسألة: والسلاة والسلام عليه صلى الله عليه وآله وسلم فرضان مرد في العمر. قال في الشفاء: قال القاضي أبو بكر ابن بكير: افترض الله على خلقه أن يصلوا على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم ويسلموا تسليما ولم يجعل لذلك وقتا معلوما، فالواجب أن يكثر المرء منها ولا يغفل عنها. وذكر قبل ذلك أن الإجماع على أن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم فرض على الجملة، وأن المشهور عدم الوجوب كما سيأتي إن شاء الله تعالى. وقال الشيخ أبو عبد الله محمد الرصاع: الذي يظهر أن السلام عليه صلى الله عليه وآله وسلم فرض واجب مثل الصلاة عليه مرة في العمر، والزائد على ذلك استحبابه متأكد. ثم ذكر عن ابن
(٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 ... » »»
الفهرست