مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ١٩٦
قلت: وما قاله عياض وارتضاه ابن ناجي هو الظاهر وهو الذي يقتضيه كلام أهل المذهب، ويكفيه قبول ابن عرفة له والله تعالى أعلم. ذكر صاحب الجمع عن الذخيرة أن طرف العمامة على النجاسة لا يضر. قال: والفرق بين كون الطرف نجسا أو موضوعا على النجاسة ظاهر، لأنه في الأولى حامل للنجاسة بخلاف الثانية، ولم أر في الذخيرة ما ذكره فيها.
فرع: لو كانت النجاسة بين ركبتي المصلي ووجهه في السجود لم يضره ذلك، ونصوص المذهب كالصريحة في ذلك. قال سند: إن رآها بين رجليه أو خلف عقبه أو قدام أصابعه فتحول عنها فلا شئ عليه. وقال ابن ناجي رحمه الله تعالى بأثر كلامه المتقدم عن بعض فضلاء أصحابه: إن من صلى على فراش يحاذي صدره منه ثقب أسفل منه نجاسة لم تماسه أنه يعيد الصلاة. قال ابن ناجي: وهو بعيد جدا لان المعتبر إنما هو ما يباشره. انتهى. وقال في المدخل: لما تكلم على موضع النعال وإنه يجعله على يساره قال: إلا أن يكون على يساره أحد فلا يفعل لأنه يكون على يمين غيره فيجعله حينئذ بين يديه، فإذا سجد كان بين ذقنه وركبتيه، وليتحفظ أن يحركه في صلاته لئلا يكون مباشرا له فيها فيستحب له لأجل هذا أن يكون له خرقة أو محفظة يجعله فيها انتهى. فإن فعل وحركها في صلاته فسيأتي الكلام على ذلك. وصرح بذلك البساطي في المغني فقال: ولا يشترط طهارة محاذاة صدره وبطنه إن سجد انتهى. وكثيرا ما يتفق في المسجد الحرام أن يجد الشخص بين يديه ريشة حمام فيتجافى عنها بصدره ويسجد وتصير بين ركبتيه ووجهه، والظاهر صحة الصلاة لا سيما في هذه المسألة لعموم البلوى بها في حق من لم يتخذ مصلى ويصلي على الأرض ومن غير حائل فلا يسلم من ذلك إلا نادرا. وسمعت سيدي الوالد يحكي عن بعض أشياخه أن ذلك بالمسجد الحرام مما يعسر الاحتراز منه وأنه يعفى عنه وهو ظاهر والله أعلم. وقوله: لا طرف حصيره معطوف على ثوب مصل. وقال البساطي: معطوف على طرف عمامته نص عليه لئلا يتوهم مشاركته له. انتهى. والمعنى أن إزالة النجاسة عن طرف حصير لمصل غير واجبة ولا خصوصية للحصير بل كل شئ فرشه المصلي وصلى عليه وكان في طرفه نجاسة لا يلابسها المصلي فصلاته صحيحة. قال في كتاب الصلاة الأول من المدونة: ولا بأس بالصلاة على طرف حصير بطرفه الآخر نجاسة. قال ابن يونس: يريد وإن تحرك موضع النجاسة لأنه إنما خوطب طهارة بقعته. وقال ابن ناجي رحمه الله تعالى عن عبد الحق قال غير واحد من شيوخنا، ومنهم من ذهب إلى مراعاة تحرك النجاسة وليس ذلك عندي بصحيح وذكر التعليل المتقدم. قال ابن ناجي رحمه الله تعالى: فتحصل أنه إن لم يتحرك لم يضر اتفاقا وإن تحرك فقولان. انتهى.
ورجح سند أيضا أنه لا يضر ولو تحرك قال: كالمركب يكون في بعض خشبة نجاسة وهو يتحرك بحركة المصلي، وكالسقف يضطرب بالمصلي وفي بعض أرضه نجاسة لا يلتفت إلى ذلك إجماعا، ومثله من صلى على حصير وعلى الحصير ثوب نجس. انتهى. وظاهر كلام ابن
(١٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 ... » »»
الفهرست