إذا صب على الميتة لا ينجس وهو ظاهر ما تقدم عن سحنون، لكن يظهر من كلام الطراز وابن الإمام أنهما تأولاه على ما إذا لم يطل، ويدل لذلك أن ابن فرحون وصاحب الجمع حكيا أنه إذا وقعت الفأرة في الزيت ميتة وأخرجت مكانها لم تنجس، واقتصرا على هذا القول. وقيل:
إنه نجس ولكنه يقبل التطهير. وقيل: إن وقعت الدابة ميتة قبل التطهير وإن ماتت فيه لم يقبل التطهير. وقيل: إن كان كثيرا فإنه يطهر وإن كان يسيرا طرح، والمشهور أيضا أنه لا يجوز بيعه مطلقا. ومقتضى فتوى المازري أنه إن صب على الميتة فيباع ويبين لمن اشتراه، وإن وقعت فيه فلا يجوز بيعه. وحكى ابن رشد في آخر سماع سحنون من كتاب الوضوء وفي أول سماع الشجرة تطعم بطنين من سماع ابن القاسم من كتاب الصلاة في ذلك قولين: الأول عدم جواز بيعه وإن بين قال: هو المنصوص من قول مالك وجميع أصحابه حاشا ابن وهب، والثاني جواز بيعه، إن بين وهو قول ابن وهب والله أعلم.
فرع: إذا أدخل يده في أزيار زيت ثم وجد في الأولى فأرة ميتة فذكر البرزلي عن ابن حارث أن الثلاث القلال الأولى نجسة باتفاق، وفي الرابع وما بعده قولان: فابن عبد الحكم يقول بنجاستها ولو كانت مائة، وذكر ابن محرز أنه رواه عن مالك وأصحابه. وقال أصبغ:
هي طاهرة، وذكر ابن عرفة المسألة في تطهير النجاسة بعد مسألة ما إذا زال عين النجاسة بغير المطلق. قال البرزلي: وعلى ذلك أجريت مسألة عندنا وهي أن الكيال اكتال جرة ولم يستوفها ثم كال بعدها أجرارا وظروفا أخرى، ثم فرغت الأولى فوجد فيها فأرة ميتة، فوقعت الفتوى أن ما قرب من الأولى نجس لبقاء عين النجاسة في المكيال وما بعد عن الأولى يباع بعد البيان لأنه لم يبق للمكيال إلا حكم النجاسة. والظاهر من القولين للذين ذكرهما عن ابن الحارث الطهارة، إذا غلب على الظن زوال عين النجاسة لأنه سيأتي في قول المصنف ولو زال عين النجاسة بغير المطلق لم يتنجس. ص: (كجامد إن طال وأمكن السريان وإلا فبحسبه) ش:
يعني أن الطعام الجامد إذا وقعت فيه نجاسة وأمكن سريانها فيه جميعه فإنه يصير نجسا وإن لم يمكن سريانها في جميعه فينجس منه بحسب. وفي بعض النسخ إن طال وأمكن السريان ومعناهما واحد. قال الدميري من الشافعية: الجامد الذي إذا أخذ جزء لم يتراد من الباقي ما يملأ موضعه عن قرب وإن تراد فهو مائع. قال المشذالي في حاشية المدونة: وسئل أبو جعفر عن صابون لا سائل ولا جامد وقعت فيه فأرة، هل يغسل به؟ فقال: إن كان يميل إلى الجمود