في القولة التي بعد هذا. ص: (وينجس كثير طعام مائع بنج قل) ش: يعني أن الطعام المائع يتنجس بالنجاسة القليلة. إذا وقعت فيه ولو كان الطعام كثيرا كالزير والجب وسواء حصل فيه تغير أم لا. والفرق بينه وبين الماء أن الماء له قوة الدفع عن نفسه بخلاف الطعام وهذا هو المعروف من المذهب. وحكى المازري عن بعضهم أنه إذا لم يتغير الطعام لم يتنجس وهو في غاية الشذوذ، وما ذكرناه من نجاسة الطعام الكثير بالنجس القليل هو النجاسة فإنه قال: قال مالك في الماء الكثير تقع فيه القطرة من البول أو الخمر: إن ذلك لا ينجسه، والطعام والودك كذلك إلا أن يكون يسيرا ففهمها الباجي وغيره على الخلاف للمشهور، وحكى ابن الحاجب القولين. وأول ابن رشد الرواية المذكورة على أن المعنى أن القطرة من الطعام والودك لا تؤثر في الماء الكثير. وقال: وقوله إلا أن يكون يسيرا أي يكون الماء قليلا يتغير بعض أوصافه فينجس بالنجاسة وينضاف بالطعام قائلا لم يقل أحد إن يسير النجاسة لا ينجس الطعام إلا داود ومن شذ عن الجمهور وخالف الأصول.
قال: وقد سئل علماء البيرة عن فأرة طحنت مع قمح في رحا الماء فقالوا: يغربل الدقيق ويؤكل.
فبلغ ذلك سعيد بن أبي عمر فقال: عليهم بحرز العجول لا يؤكل على كل حال. ابن رشد: وهو الصحيح وإنما غلط علماء البيرة من حمل هذه الرواية على ظاهرها. والعجب من القرافي رحمه الله حيث اقتصر في ذخيرته على رواية العتبية هذه ولم يحك غيرها، وقد استبعد البساطي رحمه الله تأويل ابن رشد للرواية المذكورة والظاهر حملها على الخلاف والله أعلم فرع: قال ابن رشد: أثر الكلام المتقدم وقد سئل سحنون عن الدواب تدرس الزرع فتبول فيه فخففه للضرورة كما يعفى عن بول فرس الغازي بأرض العدو. وقال ابن رشد: وإنما خفف ذلك مع الضرورة من أجل الاختلاف في نجاستها، وأما ما لا اختلاف في نجاسته فلا يخفف مع الضرورة وعده في التوضيح والشامل في المعفوات.
فرع: ثم قال ابن رشد: وقد روي عن سليمان بن سالم الكندي من أصحاب سحنون أنه كان يقول: إذا وقعت القملة في الدقيق ولم تخرج من الغربال لم يؤكل الخبز، وإن ماتت في شئ جامد طرحت كالفأرة. وقاله غيره في البرغوث أيضا، وفرق بعضهم بينهما أي على ما تقدم هل ينجسان بالموت أم لا. ثم قال ابن رشد: وهذا الفرق إذا كثر العجين لان القملة لا