وعندي أن الفخار إذا كان مطليا طهرا بالمبالغة في غسله وإن لم يكن مطليا لم يطهر، ونقله ابن فرحون وغيره وقبله. وقال الشارح في الكبير: واحترز بالفخار من الأشياء المدهونة كالصين وما في معناه والتي لا تقبل ذلك كالنحاس والزجاج انتهى.
قلت: والظاهر أنه لا بد من تقييد المسألة بأن يكون النجس أقام في الاناء مدة يغلب على الظن أن النجاسة سرت في جميع أجزائه فإن أصل المسألة في جرار الخمر هل يمكن تطهيرها أم لا، وأما إذا أصابت نجاسة إناء فخار وأزيلت منه في الحال وغسل فالظاهر أنه يطهر فتأمله والله تعالى أعلم. قال ابن غازي: وأما فخار بغواص فحكى الباجي في تطهير آنية الخمر يطبخ ما فيها روايتين انتهى.
تنبيه: إذا كان الاناء مملوءا ماء وأصابت النجاسة ظاهره لم ينجس الماء ويكفي غسل ظاهره، يؤخذ مما قال ابن رشد في قلة مملوءة أقعدت على عذرة رطبة إنه لا ينجس الماء لان شأنه أن يرسب إلى أسفل انتهى.
ولنذكر هنا فروعا مناسبة: الأول: يظهر من كلامهم أن المائع الذي ليس بدهن لا يقبل التطهير بلا خلاف، ولما ذكر في العتبية القول بتطهير اللحم يطبخ بنجس قال: ويراق المرق، وما نقله ابن الفرات عن ابن أبي جمرة كالصريح في ذلك.
الثاني: قال البرزلي: رأيت لابن أبي دلف القروي في تعليقه فيما إذا شوط الرأس بدمه ثلاثة أقوال لمتأخري القرويين: فعن ابن أبي زيد لا يؤثر فيه ذلك لان الدم إذا خرج استحال رجوعه عادة بخلاف غيره من النجاسات فإنه يقبلها، وعن غيره أنه لا يقبل التطهير بخلاف نجاسة الماء لأنها كما دخلت تخرج بخلاف الدم لا يدري هل يخرج أم لا، والأصل النجاسة كم تقدم، والثالث أنه يقبل التطهير كسائر النجاسات، وذكر ابن ناجي رحمه الله تعالى في شرح المدونة عن شيخه البرزلي أنه كان يحكي عن الشيخ أبي القاسم الغبريني أنه كان يفتي بالقول الثاني والله أعلم.
قلت: وكأنهما لم يقفا على كلامه في النوادر في آخر كتاب الذبائح ونصه: ولو شوط الرأس ولم يغسل المذبح ثم غسل بعد التشويط فلا بأس بذلك، ولو لم يغسل بعد التشويط وقد تناهى فيه النار بالتشويط حتى إذا ذهب الدم الذي كان في ظاهر المذبح فلا بأس بأكل جميع الرأس وإن شك في ذهاب جميعه بالتشويط فليجتنب أكل ما في المذبح من اللحم ويؤكل باقيه انتهى.
الثالث: جعل صاحب المدخل ما سمط من الكباش والدجاج والرؤوس والأكارع قبل غسل ما بها من الدم المسفوح من قبيل ما طبخ بالنجاسة وأنه لا يقبل التطهير وذكر عن بعض