مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ١٦٤
يدل على أنه يقبل الطهارة لأنه قال: إنه خلاف في شهادة وأنه يرجع إلى الحس. وقد قال ابن بشير في السماع المذكور: اللحم إذا وقعت فيه النجاسة بعد طبخه بمنزلة الجامد من السمن فيؤكل بعد أن يغسل ما تعلق به من المرق والله أعلم. وقوله: وزيتون ملح بنجس بتخفيف اللام وتشديدها أي جعل فيه ملح نجس إما وحده وإما ملح مع ماء نجس ومثله في الجبن والليمون ونحو ذلك. قال ابن بشير: لما ذكر مسألة الزيت النجس وأن المشهور عدم التطهير ومنه الزيتون يملح بماء نجس هل يطهر بعرضه على ماء طاهر. قال ابن غازي: وأما زيتون ملح بماء نجس فخرجه اللخمي على الروايتين في اللحم، ورأي إسماعيل طرحه لسقوط فأرة فيه.
وقال سحنون: إن تنجس زيتون قبل طيبه طرح وبعده غسل وأكل انتهى. وذكر ابن الفرات عن ابن أبي جمرة في صفة تطهير الملح والمطبوخ إذا أصابته النجاسة بعد نضحه وطبخه أنه يغسل أولا بماء حار، ثم ثانية بماء بارد، ثم ثالثة بحار، ثم رابعة ببارد، ولم أر هذه الصفة لغيره والله أعلم. وقوله: وبيض صلق بنجس يشير به إلى ما وقع في سماع يحيى من كتاب الضحايا في البيض يصلق فيوجد في إحداهن فرخ إن أكلهن كلهن لا يصلح لان بعضه يسقي بعضا. قال ابن رشد: هو صحيح وعزا ابن رشد في كتاب الطهارة هذه المسألة لسماع يحيى من كتاب الصيد وليست فيه، والمسألة من باب اللحم المطبوخ بالنجس وإنما أفردها بالذكر لان الخلاف فيها من جهة قشر البيض هل يمنع وصول النجاسة أم لا. قال ابن رشد بعد كلامه المتقدم: ويلاحظ هذا المعنى الخلاف في البيض الطاهر يصلق مع النجس هل ينجس ذلك الطاهر أم لا، وهو خلاف يرجع إلى الحس، ووجه آخر هل يمكن أن ينفصل من النجس شئ يدخل في مسام الطاهر فينجسه أم لا انتهى. وعزا ابن عرفة القول الثاني للخمي ونصه ابن القاسم وابن وهب: لا تؤكل بيضة طبخت مع أخرى فيها فرخ لسقيها إياها، اللخمي: إثر ذكره روايتي تطهير لحم طبخ بماء نجس، وعلى أحد قولي مالك تؤكل السليمة، وصوبه لان صحيح البيض لا ينفذه مائع انتهى. واعترض البساطي على المصنف في جمع هذه المسألة مع ما قبلها لان الخلاف فيها هل ينجس أم لا؟ والخلاف فيما قبلها هل يطهر أم لا؟
قلت: وهذا ليس بظاهر لان البيض إذا قلنا إنه بنجس فإنه لا يقبل التطهير لأنه قال في السماع المتقدم: لا يصلح أكلهن ولو كان يقبل التطهير لقال يغسل ويؤكل وأيضا، فقد قال ابن رشد في شرحها: إنه خلاف قوله في سماع موسى أن اللحم يغسل ويؤكل فتأمله، وصرح في المدخل في فصل خروج العالم إلى السوق فإنه لا يطهر.
تنبيه: لو ألقيت بيضة في ماء نجس بارد أو دم أو بول فإنها تغسل وتؤكل، قاله ابن رشد في السماع المذكور. وقوله: وفخار بغواص صفة لمحذوف أي ينجس غواص، والغواص الكثير النفوذ والدخول في أجزاء الاناء كالخمر والخل النجس والبول والماء المتنجس، قاله في التوضيح قال: وفهم من تقييده بالغواص أنه لو لم يكن النجس غواصا لما أثر انتهى. وقال ابن هارون:
(١٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 ... » »»
الفهرست