تأثر البشرة بالضرب. والثاني: لا يكفي الانكباس، بل يشترط ملاقاة الجميع بدنه أو ملبوسه، وإن تيقن أنه لم يصبه الجميع، لم يبر. وإن شك في ذلك، فالنص أنه لا يحنث. ونص أنه لو حلف: ليدخلن الدار اليوم إلا أن يشاء زيد، فلم يدخل، ومات زيد ولم يعلم هل شاء أم لا: أنه يحنث، فقيل بتقرير النصين، والفرق أن الضرب سبب ظاهر في الانكباس، وفي مسألة المشيئة لا أمارة لها، والأصل عدمها. وقيل: فيهما قولان. والمذهب: أنه لا يحنث هنا، ويحنث في مسألة المشيئة.
قلت: هكذا صور الجمهور مسألة الخلاف فيما إذا شك، وذكر الدارمي وابن الصباغ والمتولي أنه إذا شك، حنث، وإنما لا يحنث على المنصوص إذا غلب على ظنه إصابة الجميع، وهذا حسن، لكن الأول أصح، لأن بعد هذا الضرب شك في الحنث، والأصل عدمه قال أصحابنا: وإذا قلنا: لا يحنث، فالورع أن يحنث نفسه، فيكفر عن يمينه. والله أعلم.
ولو حلف: ليضربنه مائة مرة فضربه مرة بالعثكال أو بالمائة المشدودة، لم يبر، لأنه لم يضربه إلا مرة. ولو حلف: ليضربنه مائة ضربة، لم يبر أيضا على الأصح. ولو حلف: ليضربنه بالسوط، لم يبر بالعصا والشماريخ، لأنه ليس بسوط. ولو قال: مائة سوط، فالصحيح أنه لا يبر بعثكال عليه مائة شمراخ، وإنما يبر بأن يجمع مائة سوط ويشدها ويضربه بها دفعة، أو خمسين ويضربه دفعتين، أو سوطين ويضربه بهما خمسين مرة، بشرط أن يعلم إصابة الجميع على ما سبق وقيل: يبر بالعثكال، كما في لفظ الخشبة.
فصل في حنث الناسي والجاهل والمكره. فإذا وجد القول أو الفعل المحلوف عليه على وجه الاكراه أو النسيان أو الجهل، سواء كان الحلف بالله تعالى أو بالطلاق، فهل يحنث؟ قولان، أظهرهما: لا يحنث. وممن صححه أبو حامد القاضي والشيخ وابن كج والروياني وغيرهم. وقال ابن سلمة: لا حنث قطعا.
وقيل: الناسي أولى بالحنث من المكره. وقيل: عكسه. وقيل: الجاهل أولى