لو كلمه بالشتم والإيذاء، فإنه لا تزول به المهاجرة، بل هو زيادة وحشة، وتأكيد للمهاجرة، ولا وحنث بمثل هذه المكاتبة إذا حلف على المهاجرة.
قلت: تحريم المهاجرة فوق ثلاثة أيام إنما هو فيما إذا كانت المهاجرة لحظوظ النفوس وتعنتات أهل الدنيا، فأما إذا كان المهجور مبتدعا أو مجاهرا بالظلم والفسوق، فلا تحرم مهاجرته أبدا، وكذا إذا كان في المهاجرة مصلحة دينية، فلا تحريم، وعلى هذا يحمل ما جرى للسلف من هذا النوع، والأصح أنه لا يزول التحريم بالمكاتبة والمراسلة، قال صاحب البيان: وينبغي أن تكون الإشارة والرمز كالمكاتبة كما قلنا في الحنث. والله أعلم.
فرع حلف: لا يكلمه، ثم سلم عليه، حنث، لأن السلام كلام، وأن يسلم على قوم هو فيهم، فإن قصده بالسلام حنث. قال في البيان ويجئ أن لا يحنث على قول من قال: إذا حلف لا يأكل السمن، فأكله مع غيره، لا يحنث وإن استثنى لفظا، لم يحنث، وإن استثناه بالنية، لم يحنث أيضا على المذهب. وإن أطلق، حنث على الأظهر. ولو سلم من صلاته، والمحلوف عليه من المأمومين، ففيه هذا التفصيل. ولو صلى الحالف خلف المحلوف عليه، فسبح لسهوه، أو فتح عليه القراءة، لم يحنث، ولو قرأ آية، فهم المحلوف عليه منها مقصوده، فإن قصد القراءة، لم يحنث، وإلا، فيحنث.
المسألة الثانية: حلف: لا يتكلم حنث بترديد الشعر مع نفسه، لأن الشعر كلام، ولا يحنث بالتسبيح والتهليل والتكبير والدعاء على الصحيح، لأن اسم الكلام عند الاطلاق ينصرف إلى كلام الآدميين في محاوراتهم. وقيل: يحنث، لأنه يباح للجنب، فهو كسائر الكلام، ولا يحنث بقراءة القرآن.