عزله، فإن نوى الرفع إليه في حال القضاء، فلا شئ عليه. وإن قصد عينه، فليخبره. ولو حلف: لا يرفع منكرا إلى القاضي فلان، حنث بالرفع إليه وهو قاض. فلو رفع بعد العزل، عاد التفصيل المذكور. وإن قال: إلى القاضي، فهل يحمل على قاضي البلد حينئذ، أم يحنث بالرفع إلى من ينصب بعد عزله؟ فيه الخلاف السابق.
المسألة الثانية: حلف: لا يفارق غريمه حتى يستوفي حقه منه، ففي المسألة نظران، أحدهما: في حقيقة المفارقة، والقول فيها على ما سبق في افتراق المتبايعين عن المجلس، والرجوع إلى العادة. فإن فارق الحالف قبل الاستيفاء مختارا، حنث، وإن كان ناسيا أو مكرها، فعلى القولين في الناسي والمكره. ولو فارقه الغريم وفر منه، فقيل قولان كالمكره، والمذهب القطع بأنه لد يحنث سواء تمكن من التعلق به ومنعه أو من متابعته أم لا، بل لو كانت مفارقته بإذن الحالف، لم يحنث، لأنه حلف على فعل نفسه، فلا يحنث بفعل الغريم. وقال ابن كج:
يحنث إن أذن له. وقال الصيدلاني: يحنث إن أمكنه منعه فلم يفعل. وقال القاضي حسين: يحنث إن أمكنه متابعته، لأنه بالمقام مفارق، والصحيح الأول: ولو كانا يتماشيان، فمشى الغريم، ووقف الحالف، فذكر الغزالي أنه لا يحنث، لان الفارقة حصلت بحركة الغرم، لا بسكون الحالف، والصحيح الذي أجاب به القاضي حسين وصاحباه المتولي والبغوي أنه إذا مضى أحدهما في مشيه ووقف الآخر، حنث الحالف، لأنه إن وقف الغريم، فقد فارقه الحالف بمشيه، وإن وقف الحالف فقد فارقه بالوقوف لأن الحادث هو الوقوف، فنسب المفارقة إليه بخلاف ما إذا كانا ساكنين، فابتدأ الغريم بالمشي، لأن الحادث هناك المشي، وحيث قلنا:
لا حنث بمفارقة الغريم. فلو فارق الحالف مكانه بعد ذلك، لم يحنث. أما إذا قال: لا تفارقني حتى استوفي منك حقي أو حتى توفيني حقي، فاليمين منعقدة على فعل الغريم. فإن فارقه الغريم مختارا، حنث الحالف، سواء كانت مفارقته بإذنه أم دون إذنه. وقيل: إن فر منه، ففي حنثه القولان في المكره، والمذهب الأول، لان اليمين على فعله، وهو مختار في الفرار. فإن فارقه ناسيا أو مكرها، خرج الحنث على القولين. ونقل البغوي طريقا قاطعا بالحنث، وأن الاختيار إنما يعتبر في فعل الحالف، والمذهب الأول. ولو فر الحالف من الغريم، لم يحنث، ويجئ وجه