الحنث لانضمام قصد الشغل إلى الجهل. قال الامام: نص الشافعي رحمه الله في هذه الصورة أنه لا يحنث، وخرج الربيع قولا، وجعله كالناسي. ولو علم أنه في البيت، وقصد الدخول لشغل، فقيل: يحنث قطعا. وقيل: هو كما لو دخل على قوم هو فيهم واستثناه بقلبه ولو كان الحالف في بيت، فدخل عليه زيد، فإن خرج الحالف في الحال، لم يحنث، وإلا، فقيل: لا يحنث، وقيل: فيه خلاف بناء على أن استدامة الدخول هل هي دخول؟ وأجاب ابن الصباغ عن هذا بأن الاستدامة إن جعلت دخولا كانا كالداخلين معا، فلا يكون أحدهما داخلا على الآخر.
قلت: الذي قاله ابن الصباغ حسن، والمذهب أنه لا يحنث. قال القاضي أبو الطيب: ونص عليه في الام. والله أعلم.
فصل في أصول تتعلق بالكتاب لا تنعقد يمين صبي، ولا مجنون ولا مكره وفي السكران الخلاف فطلاقه، وتنعقد يمين الكافر. ومن حلف: لا يدخل الدار، ثم قال: أردت شهرا أو يوما. فإن كانت اليمين بطلاق أو عتاق، لم تقبل في الحكم، ويدين، ويلحق بهما الايلاء، لتعلق حق الآدمي به. وإن كانت بالله تعالى، ولم يتعلق بها حق آدمي، قبل قوله ظاهرا وباطنا، لأنه أمين في حقوق الله تعالى. ولو حلف: لا يكلم أحدا، ثم قال: أردت زيدا، أو من سوى زيد، أو لا يأكل طعاما، ونوى طعاما بعينه، تخصصت اليمين بما نوى، فلا يحنث بغيره.
فرع قال الشيخ أبو زيد رحمه الله: لا أدري على ماذا بنى الشافعي رحمه الله مسائل الايمان، إن اتبع اللغة، فمن حلف لا يأكل الرؤوس ينبغي أن يحنث برؤوس الطير والسمك، وإن اتبع العرف، فأهل القرى لا يعدون الخيام بيوتا. وقد قال الشافعي: لا فرق بين القروي والبدوي. واعلم أن الشافعي تتبع مقتضى اللغة تارة، وذلك عند ظهورها وشمولها، وهو الأصل، وتارة يتبع العرف إذا استمر واطرد.
فرع اللفظ الخاص في اليمين لا يعمم بالسبب والنية والعام، وقد يتخصص. مثال الأول، إذا من عليه رجل بما نال منه فقال: والله لا أشرب لك ماء من عطش، انعقدت اليمين على الماء من عطش خاصة. فلا يحنث بطعامه وثيابه،