وإن نوى أنه لا ينتفع بشئ منه، وإن كانت المنازعة بينهما تقتضي ما نواه. وإنما تؤثر النية إذا احتمل اللفظ ما نوى بجهة يتجوز بها، وعند مالك رحمه الله يحنث بكل ما ينتفع به من ماله. قال الشيخ أبو حامد: وسبب الخلاف أن الاعتبار عندنا باللفظ، ويراعى عمومه وإن كان السبب خاصا، وخصوصه وإن كان السبب عاما، وعنده الاعتبار بالسبب دون اللفظ. وأما تخصيص العام فتارة يكون بالنية كما ذكرنا فيما إذا قال: والله لا أكلم أحدا ونوى زيدا. وتارة بعرف الاستعمال، كما في قوله: لا آكل الرؤوس، وتارة بعرف الشرع كما يحمل قوله: لا أصلي على الصلاة الشرعية.
فرع يعتبر اللفظ بحقيقته، وقد يصرف إلى المجاز بالنية، كما لو قال:
لا أدخل دار زيد، وقال: أردت ما يسكنه دون ما يملكه، فيقبل في اليمين بالله تعالى، ولا يقبل في الحكم إذا حلف بطلاق وعتاق ذكره ابن الصباغ وغيره، وتارة لكون المجاز متعارفا وكون الحقيقة بعيدة، ومثله القاضي حسين بما إذا حلف:
لا يأكل من هذه الشجرة، تحمل اليمين على الاكل من ثمرها دون الورق والأغصان، وإن كانت الحقيقة متعارفة، مثل أن يقول: لا آكل من هذه الشاة، يحمل على لحمها، فلا يحنث بلبنها ولحم ولدها.
فرع قال ابن كج: لو قال: والله لا دخلت الدار، والله لا دخلت الدار ونوى التأكيد، فهو يمين واحد، وإن نوى بالثاني يمينا أخرى، أو أطلق، فهل يلزمه بالحنث كفارة أم كفارتان؟ وجهان.
قلت: الأصح كفارة. والله أعلم.
وإن قال: والله لا دخلت الدار، لا دخلت الدار، لا دخلت الدار، فإن نوى التأكيد، فيمين واحدة، وكذا إن أطلق، أو نوى الاستئناف على المذهب.
فرع قال الحليمي: اليمين المعقودة على المملو ك المضاف يعتمد المالك دون المملوك، والمعقودة على غير المملوك المضاف يعتمد المضاف دون المضاف إليه، فإذا حلف لا يكلم عبيد فلان ولا عبد له، ثم ملك عبيدا وكلمهم، حنث.