ولو حلف لا يكلم، بنيه ولا ابن له، ثم ولد له بنون فكلمهم، لم يحنث، لأنهم لم يكونوا موجودين وقت اليمين.
فرع حلف: لا يكلم الناس، ذكر ابن الصباغ وغيره، أنه يحنث إذا كلم واحدا، كما إذا قال: لا آكل الخبز يحنث بما أكل منه. ولو حلف: لا يكلم ناسا حمل على ثلاثة.
فرع في كتب أصحاب أبي حنيفة رحمهم الله أن المعرفة لا تدخل تحت النكرة لمغايرتهما، فإذ قال: لا يدخل داري أحد، أو لا يلبس ثوبي أحد، دخل في اليمين غير الحالف، ولم يدخل الحالف، لأنه صار معرفا بإضافة الدار أو القميص إليه، قالوا: لو عر ف نفسه بإضافة الفعل بأن قال: لا ألبس هذا القميص أحدا، أو عرف غيره بالإضافة إليه فقال: لا يدخل دار فلان أحد، أو لا يلبس قميصه أحد، لم يدخل المضاف إليه، لأنه صار معرفا. وكذا لو قال: لا يقطع هذه اليد أحد، وأشار إلى يده، لم يدخل هو، وقد يتوقف في هذه الصورة الأخيرة، والسابق إلى الفهم في غيرها ما ذكروه، ويجوز أن تخرج الصورة الأولى على الخلاف في أن المخاطب هل يندرج تحت الخطاب . قلت: الوجه الجزم بكل ما ذكروه. والله أعلم.
وفي كتبهم أن كلمة أو إذا دخلت بين نفيين، اقتضت انتفائهما كما قال الله تعالى: * (فلا تطع منهم آثما أو كفورا) *، وإذا دخلت بين إثباتين، اقتضت ثبوت أحدهما، فإذا قال: لا أدخل هذه الدار أو هذه، فأيتهما دخلها، حنث، وإن قال: لأدخلن هذه الدار اليوم أو هذه، بر بدخول إحداهما. ويشبه أن يقال: إذا دخلت بين نفيين، كفى للبر أن لا يدخل واحدة منهما، ولا يضر دخول الأخرى، كما أنها إذا دخلت بين إثباتين، كفى للبر أن يدخل إحداهما، ولا يضر أن لا يدخل الأخرى. ولو قال: لا أدخل هذه الدار أبدا، ولأدخلن الدار الأخرى اليوم، فإن دخل الأخرى اليوم، بر، وإن لم يدخلها اليوم، ولم يدخل الأخرى، بر أيضا. وفي الاقناع