الخصمين في الأمور المذكورة واجبة على الصحيح، وبه قطع الأكثرون، واقتصر ابن الصباغ على الاستحباب.
الثانية: ليقبل عليهما بمجامع قلبه، وعليه السكينة، ولا يمازح أحدهما، ولا يضاحكه، ولا يشير إليه، ولا يساره، ولا ينهرهما، ولا يصيح عليهما إذا لم يفعلا ما يقتضي التأديب، ولا يتعنت الشهود بأن يقول: لم تشهدون؟ وما هذه الشهادة؟
ولا يلقن المدعي الدعوى بأن يقول: ادع عليه كذا، ولا المدعى عليه الاقرار والانكار، ولا يجري المسائل إلى النكول على اليمين، وكذا لا يلقن الشاهد الشهادة، ولا يجرئه إذا مال إلى التوقف، ولا يشككه ولا يمنعه إذا أراد الشهادة هذا في حقوق الآدميين، وأما في حدود الله تعالى، فالقاضي يرشد إلى الانكار على ما هو موضح في موضعه، وإذا كان يدعي دعوى غير محررة، قال الإصطخري:
يجوز أن تبين له كيفية الدعوى الصحيحة، وقال غيره: لا يجوز، وتعريف الشاهد كيفية أداء الشهادة على هذين الوجهين قال في العدة: أصحهما الجواز، ولا بأس بالاستفسار بأن يدعي دراهم، فيقول: أهي صحاح أم مكسورة؟ ويستحب إذا أراد الحكم أن يجلس المحكوم عليه، ويقول: قامت البينة عليك بكذا، ورأيت الحكم عليك ليكون أطيب لقلبه، وأبعد عن التهمة، ونص في الام أنه يندبهما إلى الصلح بعد ظهور وجه الحكم، ويؤخر الحكم اليوم واليومين إذا سألهما، فجعلاه في حل من التأخير، فإن لم يجتمعا على التحليل لم يؤخر.
الثالثة: إذا جلسا بين يديه، فله أن يسكت حتى يتكلما، وله أن يقول:
ليتكلم المدعي منكما، وأن يقول للمدعي إذا عرفه: تكلم، ولو خاطبهما بذلك الأمين الواقف على رأسه، كان أولى، فإذا ادعى المدعي، طالب خصمه بالجواب، وقال: ما تقول؟ وفيه وجه ضعيف أنه لا يطالبه بالجواب حتى يسأله