قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) ولا يجب فيما دون النصاب، والنصاب ربع دينار أو ما قيمته ربع دينار، لما روت عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقطع يد السارق إلا في ربع دينار فصاعدا، فإن سرق غير الذهب قوم بالذهب، لان النبي صلى الله عليه وسلم قدر النصاب بالذهب فوجب أن يقوم غيره به. وإن سرق ربع مثقال من الخلاص وقيمته دون ربع دينار ففيه وجهان (أحدهما) وهو قول أبي سعيد الإصطخري وأبى علي بن أبي هريرة أنه لا يقطع لان النبي صلى الله عليه وسلم نص على ربع دينار، وهذا قيمته دون ربع دينار وهو قول عامة أصحابنا أنه يقطع لان الخلاص يقع عليه اسم الدينار، وإن لم يصرف، لأنه يقال دينار خلاص كما يقال دينار قراضة.
وإن نقب اثنان حرزا وسرقا نصابين قطعا لان كل واحد منهما سرق نصابا وإن أخرج أحدهما نصابين ولم يخرج الآخر شيئا قطع الذي أخرج دون الآخر لأنه هو الذي انفرد بالسرقة، فإن اشتركا في سرقة نصاب لم يقطع واحد منهما وقال أبو ثور يجب القطع عليهما، كما لو اشترك رجلان في القتل وجب القصاص عليهما، وهذا خطأ لان كل واحد منهما، لم يسرق نصابا، ويخالف القصاص فإنا لو لم نوجب على الشريكين جعل الاشتراك طريقا إلى إسقاط القصاص، وليس كذلك السرقة، فإنا إذا لم نوجب القطع على الشريكين في سرقة نصاب لم يصر الاشتراك طريقا إلى إسقاط القطع، لأنهما لا يقصدان إلى سرقة نصاب واحد لقلة ما يصيب كل واحد منهما، فإذا اشتركا في نصابين أوجبنا القطع.
وإذا لقب حرز أو سرق منه ثمن دينار ثم عاد وسرق ثمنا آخر ففيه ثلاثة أوجه (أحدها) وهو قول أبى العباس أنه يجب القطع لأنه سرق نصابا من حرز مثله فوجب عليه القطع، كما لو سرقه في دفعة واحدة.
(والثاني) وهو قول أبي إسحاق أنه لا يجب القطع لأنه سرق تمام النصاب من حرز مهتوك.
(والثالث) وهو قول أبى علي بن خيران أنه إن عاد وسرق الثمن الثاني بعد