بل الأفضل أن يأتوا واحدا بعد الاخر مثل ما يكون في سائر الأقضية، ويجب أن يكون الشهداء متصفين بالعدل.
10 - ومن لم يستطع أن يقدم إلى المحكمة شهادة تبريه من جريمة القذف فقد حكم عليه القرآن بثلاثة أحكام.
(ا) أن يجلد ثمانين جلدة (ب) أن لا تقبل له شهادة (ج) أنه فاسق.
وقد اتفقوا على أنه لا يسقط الحد عن القاذف بتوبته وأنه لا بد له من الحد واختلفوا هل القاذف يفسق بفعل القذف ذاته أو إنما يفسق بعد ما تحكم عليه المحكمة بالحد، فهو يفسق بفعل القذف ذاته عند الشافعي والليث بن سعد وعلى العكس من ذلك يقول أبو حنيفة وأصحابه ومالك أنه لا يفسق إلا بعد ما يقام عليه الحد والصحيح عندي في هذا الشأن أن كون القاذف فاسقا عند الله نتيجة لفعل القذف نفسه، وأما كونه فاسقا عند الناس فمتوقف على أن تثبت جريمته ويقام عليه الحد.
وهناك خلاف شديد حول (ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا) هل إليه أيضا يرجع العفو المذكور في جملة إلا اللذين تابوا وأصلحوا أم لا، فتقول طائفة منهم القاضي شريح وسعيد بن المسيب، والحسن البصري والنخعي وابن سيرين ومكحول وعبد الرحمن بن زيد وأبو حنيفة وأبو يوسف وزفر ومحمد وسفيان الثوري والحسن بن صالح أن من تاب وأصلح لا يبقى فاسقا عند الله ولا عند الناس مع إقامة الحد عليه وعدم الاعتداد بشهادته إلى الأبد.
وتقول طائفة أخرى منهم عطاء وطاوس ومجاهد والشعبي والقاسم بن محمد وسالم والزهري وعكرمة وعمر بن عبد العزيز وابن أبي نجيح وسليمان بن يسار ومسروق والضحاك ومالك وعثمان البنى والليث بن سعد والشافعي وأحمد بن حنبل والطبري أن جملة (إلا الذين تابوا وأصلحوا) لا يرجع العفو المذكور فيها إلى إقامة الحد، ولكنه يرجع إلى أن من أقيم عليه الحد إذا تاب وحسنت حاله تقبل شهادته ولا يبقى فاسقا، واستدلوا بقصة إقامة عمر الحد على أبى بكرة حينما قذف المغيرة بن شعبة.