قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) ولا يصح الاقرار الا من بالغ عاقل مختار، فأما الصبي والمجنون فلا يصح إقرارهما لقوله عليه الصلاة والسلام (رفع القلم عن ثلاثة، عن الصبي حتى يبلغ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق) ولأنه التزام حق بالقول فلم يصح من الصبي والمجنون كالبيع.
فإن أقر مراهق وادعى أنه غير بالغ فالقول قوله وعلى المقر له أن يقيم البينة على بلوغه ولا يحلف المقر لأنا حكمنا بأنه غير بالغ.
وأما السكران فإن كان سكره بسبب مباح فهو كالمجنون، وإن كان بمعصية الله فعلى ما ذكرنا في الطلاق.
وأما المكره فلا يصح إقراره لقوله عليه الصلاة والسلام (رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه، ولأنه قول أكره عليه بغير حق فلم يصح كالبيع، ويصح إقرار السفيه والمفلس بالحد والقصاص لأنه غير متهم، وأما إقراره بالمال فقد بيناه في الحجر والتفليس.
(فصل) ويصح إقرار العبد بالحد والقصاص لان الحق عليه دون مولاه ولا يقبل إقرار المولى عليه في ذلك لان المولى لا يملك من العبد الا المال، وأن جنى رجل على عبد جناية توجب القصاص، أو قذفه قذفا يوجب التعزير ثبت القصاص والتعزير له، وله المطالبة به والعفو عنه، وليس للمولى المطالبة به ولا العفو عنه لأنه حق غير مال فكان له دون المولى، ولا يقبل إقرار العبد بجناية الخطأ لأنه ايجاب مال في رقبته ويقبل إقرار المولى عليه لأنه إيجاب حق في ماله ويقبل إقرار العبد المأذون في دين المعاملة ويجب قضاؤه من المال الذي في يده لان المولى سلطه عليه، ولا يقبل اقرار غير المأذون في دين معاملة في الحال، ويتبع به إذا عتق، لأنه لا يمكن أخذه من رقبته لأنه لزمه برضى من له الحق.
وان أقر بسرقة مالا لا يجب فيه القطع، كمال دون النصاب وما سرق من غير حرز وصدقه المولى وجب التسليم إن كان باقيا وتعلق برقبته إن كان تالفا لأنه لزمه بغير رضى صاحبه، وان كذبه المولى كان في ذمته يتبع به إذا عتق، وان وجب