وإن وضع المال في النقب في وقت هبوب الريح فأطارته الريح إلى خارج الحرز قطع كما لو تركه في ماء جار، وان وضعه ولا ريح ثم هبت ريح فأخرجته ففيه وجهان كما قلنا فيما لو تركه في ماء راكد فتفجر الماء فخرج به، فإن وضع المال على حمار ثم قاده أو ساقه حتى خرج من الحرز قطع لأنه خرج بسبب فعله وان خرج الحمار من غير سوق ولا قود ففيه وجهان.
(أحدهما) أنه يقطع لان عادة البهائم إذا أثقلها الحمل أن تسير.
(والثاني) أنه لا يقطع لأنه سار باختياره. وان ثقب الحرز وأمر صغيرا لا يميز بإخراج المال من الحرز فأخرجه قطع، لان الصغير كالآلة، وإن دخل الحرز وأخذ جوهرة فابتلعها وخرج ففيه وجهان.
(أحدهما) أنه لا يقطع لأنه استهلكها في الحرز، ولهذا يجب عليه قيمتها فلم يقطع كما لو أخذ طعاما فأكله.
(والثاني) أنه يقطع لأنه أخرجه من الحرز في وعاء فأشبه إذا جعلها في جيبه ثم خرج، وان أخذ طيبا فتطيب به ثم خرج، فإن لم يمكن أن يجتمع منه قدر النصاب لم يقطع لأنه استهلكه في الحرز فصار كما لو كان طعاما فأكله، وان أمكن أن يجتمع منه قدر النصاب ففيه وجهان (أحدهما) أنه لا يقطع لان استعمال الطيب اتلاف له فصار كالطعام إذا أكله في الحرز (والثاني) أنه يقطع لان عينه باقية، ولهذا يجوز لصاحبه أن يطالبه برده.
(فصل) ولا يجب القطع حتى ينفصل المال عن جميع الحرز، فإن سرق جذعا أو عمامة فأخذ قبل أن ينفصل الجميع من الحرز لم يقطع لأنه لا ينفرد بعضه عن بعض، ولهذا لو كان في طرف منه نجاسة لم تصح صلاته فيه، فإذا لم يجب القطع فيما بقي من الحرز لم يجب فيما خرج منه.
وان ثقب رجلان حرزا فأخذ أحدهما المال ووضعه على باب الثقب وأخذه الآخر ففيه قولان:
(أحدهما) أنه يجب عليهما القطع، لأنا لو لم نوجب القطع عليهما صار هذا طريقا إلى اسقاط القطع.