فرجمناه في المصلى بالمدينة، فلما أذلقنه الحجارة تجمز حتى أدركناه بالحرة فرجمناه حتى مات، فلو لم يجز ذلك لأنكر عليهم النبي صلى الله عليه وسلم وضمنهم، ولان الهرب ليس بصريح في الرجوع فلم يسقط به الحد.
(فصل) ومن أقر لرجل بمال في يده فكذبه المقر له بطل الاقرار لأنه رده، وفى المال وجهان:
(أحدهما) أنه يؤخذ منه ويحفظ لأنه لا يدعيه والمقر له لا يدعيه فوجب على الامام حفظه كالمال الضائع.
(والثاني) أنه لا يؤخذ منه، لأنه محكوم له بملكه، فإذا رده المقر له بقي على ملكه.
(فصل) فإن أقر الزوج أن امرأته أخته من الرضاع وكذبته المرأة قبل قوله في فسخ النكاح لأنه إقرار في حق نفسه ولا يقبل إقراره في إسقاط مهرها لان قوله لا يقبل في حق غيره، وإن أقرت المرأة أن الزوج أخوها من الرضاع وأنكر الزوج لم يقبل قولها في فسخ النكاح، لأنه إقرار في حق غيرها، وقبل قولها في إسقاط المهر لأنه إقرار في حق نفسها.
(الشرح) حديث (أخبرني من سمع جابر بن عبد الله قال: كنت فيمن رجم ماعزا) أخرجه الترمذي وأحمد والصحيحين من غير تسمية وأبو داود.
اللغة: قوله (فلما أذلقته الحجارة) أي أصابته بحدها، والحجارة المذلقة المحدودة، وذلق كل شئ حده وفلان ذلق اللسان حديده.
قوله (تجمز) أي عدا وأسرع، المجز ضرب من السير أشد من العتق والناقة تعدو المجزى.
قال ابن حزم في مراتب الاجماع (واتفقوا أن من أقر على نفسه بالزنا في مجلس حاكم يجوز حكمه أربع مرات مختلفات يغيب بين كل مرتين عن المجلس حتى لا يرى، وهو حر مسلم، غير مكره ولا سكران، ولا مجنون ولا مريض، ووصف الزنا وعرفه ولم يثبت ولا طال الامر أنه يقام عليه الحد ما لم يرجع عن اقراره، واختلفوا أيقبل رجوعه أم لا،