قوله تعالى (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما) ولان السارق يأخذ المال على وجه لا يمكن الاحتراز منه ولو لم يجب القطع عليه لأدى ذلك إلى هلاك الناس بسرقة أموالهم ولا يجب القطع على المنتهب ولا على المختلس لما روى جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (ليس على المنتهب قطع ولا على المختلس قطع ومن انتهب نهبة مشهورة فليس منا) ولان المنتهب والمختلس يأخذان المال على وجه يمكن انزاعه منه بالاستغاثة بالناس وبالسلطان فلم يحتج في ردعه إلى القطع ولا يجب على من جحد أمانة أو عارية لأنه يمكن أخذ المال منه بالحكم فلم يحتج إلى القطع.
(فصل) ولا يجب على صبي ولا على مجنون لقوله صلى الله عليه وسلم:
رفع القلم عن ثلاثة، عن الصبي حتى يبلغ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق.
وروى ابن مسعود رضي الله عنه أن صلى الله عليه وسلم أتى بجارية قد سرقت فوجدها لم تحض فلم يقطعها. وهل يجب على السكران؟ فيه قولان ذكرناهما في الطلاق، ولا يجب على مكره لقوله صلى الله عليه وسلم: رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه، ولان ما أوجب عقوبة الله عز وجل على المختار لم يوجب على المكره ككلمة الكفر، ولا تجب على الحربي لأنه لم يلتزم حكم الاسلام، وهل يجب على المستأمن فيه قولان ذكرناهما في السير.
(الشرح) حديث جابر (ليس على خائن ولا منتهب ولا مختلس قطع) رواه الخمسة وصححه الترمذي والحاكم والبيهقي وابن حبان وصححه. وفى رواية له عن ابن جريج عن عمر وبن دينار وأبى الزبير عن جابر، وليس فيه ذكر الخائن، ورواه ابن الجوزي في العلل وقال لم يذكر فيه الخائن غير مكي. قال الحافظ قد رواه ابن حبان من غير طريقه فأخرجه من حديث سفيان عن أبي الزبير عن جابر بلفظ (ليس على المختلس ولا على الخائن قطع) وقال ابن أبي حاتم في العلل لم يسمعه ابن جريج من أبى الزبير إنما سمعه من ياسين بن معاذ الزيات وهو ضعيف، وكذا قال أبو داود. وقال الحافظ أيضا.