قال المصنف رحمه الله تعالى:
باب اختلاف الشهود في الشهادة إذا ادعى رجل على رجل ألفين وشهد له شاهد أنه أقر له بألف وشهد آخر أنه أقر بألفين ثبت له ألف بشهادتهما لأنهما اتفقا على إثباتها وله أن يحلف مع شاهد الألفين ويثبت له الألف الآخرى لأنه شهد له بها شاهد، وإن ادعى ألفا فشهد له شاهد بألف وشهد آخر بألفين ففيه وجهان (أحدهما) أنه يحلف مع الذي شهد له بالألف ويقضى له وتسقط شهادة من شهد له بالألفين لأنه صار مكذبا له فسقطت شهادته له في الجميع (والثاني) أنه يثبت له الألف بشهادتهما ويحلف ويستحق الألف الأخرى ولا يصير مكذبا بالشهادة لأنه يجوز أن يكون له حق ويدعى بعضه ويجوز أنه لم يعلم أن له من يشهد له بالألفين (فصل) وان شهد شاهد على رجل أنه زنى بامرأة في زاوية من بيت وشهد آخر أنه زنى بها في زاوية ثانية، وشهد آخر أنه زنى بها في زاوية ثالثة، وشهد آخر أنه زنى بها في زاوية رابعة لم يجب الحد على المشهود عليه لأنه لم تكمل البينة على فعل واحد، وهل يحب حد القذف على الشهود؟ على القولين وإن شهد اثنان أنه زنى بها وهي مطاوعة وشهد اثنان أنه زنى بها وهي مكرهة لم يجب الحد عليها لأنه لم تكمل بينة الحد في زناها وأما الرجل فالمذهب أنه لا يحب عليه الحد.
وخرج أبو العباس وجها آخر أنه يجب عليه الحد لأنهم اتفقوا على أنه زنى وهذا خطأ لان زناه بها وهي مطاوعة غير زناه بها وهي مكرهة. فصار كما لو شهد اثنان أنه زنى بها في زاوية وشهد آخران أنه زنى بها في زاوية أخرى (فصل) وإن شهد شاهد أنه قذف رجلا بالعربية وشهد آخر أنه قذفه بالعجمية أو شهد أحدهما أنه قذفه يوم الخميس وشهد آخر أنه قذفه يوم الجمعة لم يجب الحد لأنه لم تكمل البينة على قذف واحد