مذهبا ولكن البقية على ما ذكرنا لا يصلح جعلها مذاهب مستقلة لرجوعها إلى ما ذكر.
قوله (وإن نقب اثنان..) قالت الحنابلة، ولو اشترك جماعة في هتك حرز وإخراج النصاب قطعوا جميعا، وإن هتك الحرز أحدهما ودخل الآخر فأخرج المال فلا قطع عليهما ولو تواطأ، لان الأول لم يسرق والثاني لم يهتك الحرز قال في الكافي ويحتمل أن يقطع إذا كانا شريكين.
وقال ابن رشد: اختلفوا فيما إذا سرقت الجماعة ما يجب فيه القطع أعني نصابا دون أن يكون حظ كل واحد منهم نصابا، وذلك بأن يخرجوا النصاب من الحرز معا مثل أن يكون عدلا أو صندوقا يساوى النصاب، فقال مالك يقطعون جميعا، وبه قال الشافعي وأحمد وأبو نور، وقال أبو حنيفة لا قطع عليهم حتى يكون ما أخذه كل واحد منهم نصابا، فمن قطع الجميع رأى العقوبة إنما تتعلق بقدر مال المسروق، أي أن هذا القدر من المال المسروق هو الذي يوجب القطع لحفظ المال، قال ومن رأى أن القطع إنما علق بهذا القدر لا بما دونه لمكان حرمة اليد، قال: لا تقطع أيد كثيرة فيما أوجب الشرع فيه قطع يد واحدة.
قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) ولا يجب القطع فيما سرق من غير حرز، لما روى عبد الله بن عمر وبن العاص رضي الله عنه أن رجلا من مزينة قال يا رسول الله كيف ترى في حريسة الجبل؟ قال ليس في شئ من الماشية قطع إلا ما أواه المراح، وليس في شئ من الثمر المعلق قطع إلا ما أواه الجرين فما أخذ من الجرين فبلغ ثمن المجن ففيه القطع، فأسقط القطع في الماشية إلا ما أواه المراح، وفى الثمر المعلق إلا ما أواه الجرين، فدل على أن الحرز شرط في ايجاب القطع، ويرجع في الحرز إلى ما يعرفه الناس حرزا، فما عرفوه حرزا قطع بالسرقة منه وما لا يعرفونه حرزا لم يقطع بالسرقة منه، لان الشرع دل على اعتبار الحرز وليس له حد من جهة الشرع فوجب الرجوع فيه إلى العرف كالقبض والتفرق في البيع وإحياء