قال المصنف رحمه الله تعالى:
باب اليمين في الدعاوي إذا ادعى رجل على رجل حقا فأنكره ولم يكن للمدعى بينة، فإن كان ذلك في غير الدم حلف المدعى عليه، فإن نكل عن اليمين ردت اليمين على المدعى، وقد بينا ذلك في باب الدعاوي، وإن كانت الدعوى في دم ولم يكن للمدعى بينة فإن كان في قتل لا يوجب القصاص نظرت فإن كان هناك لوث حلف المدعى خمسين يمينا وقضى له بالدية.
والدليل عليه ما روى سهل بن أبي جثمة أن عبد الله ومحيصة خرجا إلى خبير من جهد أصابهما، فأتى محيصة وذكر أن عبد الله طرح في فقير أو عين ماء فأتى يهودا فقال أنتم والله قلتموه؟ قالوا والله ما قتلناه، فأقبل هو وأخوه حويصة وعبد الرحمن أخو المقتول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذهب محيصة يتكلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الكبر الكبر، فتكلم حويصة ثم تكلم محيصة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إما أن يدوا صاحبكم وإما أن يأذنوا بحرب من الله ورسوله، فكتب إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك فكتبوا إنا والله ما قتلناه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحويصة ومحيصة وعبد الرحمن: أتحلفون خمسين وتستحقون دم صاحبكم؟ فقالوا لا، قال أتحلف لكم يهود؟ قالوا لا ليسوا بمسلمين، فوداه رسول الله صلى الله عليه وسلم من عنده فبعث إليهم بمائة ناقة، قال سهل لقد ركضتني منها ناقة حمراء، ولان باللوث تقوى جنبة المدعى ويغلب على الظن صدقه فسمعت يمينه كالمدعى إذا شهد له عدل وحلف معه.
وإن كانت الدعوى في قتل يوجب القود ففيه قولان: قال في القديم يجب القود بأيمان المدعى لأنها حجة يثبت بها قتل العمد فوجب بها القود كالبينة.
وقال في الجديد لا يجب لقوله صلى الله عليه وسلم: إما أن يدوا صاحبكم أو يأذنوا يحرب من الله ورسوله، فذكر الدية ولم يذكر القصاص، ولأنه حجة لا يثبت