فشرط فيه النصاب كالقطع في السرقة، فإن أخذ المال من غير حرز بأن انفرد عن القافلة أو أخذ من جمال مقطرة ترك القائد تعاهدها لم يقطع لأنه قطع يتعلق بأخذ المال فشرط فيه الحرز كقطع السرقة.
(فصل) وإن قتل ولم يأخذ المال انحتم قتله ولم يجز لولي الدم العفو عنه، لما روى ابن عباس رضي الله عنه قال: نزل جبريل عليه السلام بالحد فيهم أن من قتل ولم يأخذ المال قتل، والحد لا يكون إلا حتما، ولان ما أوجب عقوبة في غير المحاربة تغلظت العقوبة فيه بالمحاربة، كأخذ المال يغلظ بقطع الرجل.
وإن جرح جراحة توجب القود قهل يتحتم القود؟ فيه قولان (أحدهما) أنه يتحتم، لان ما أوجب القود في غير المحاربة انحتم القود فيه في المحاربة كالقتل.
(والثاني) أنه لا يتحتم لأنه تغليظ لا يتبعض في النفس فلم يجب فيما دون النفس كالكفارة.
(فصل) وإن قتل وأخذ المال قتل وصلب، ومن أصحابنا من قال يصلب حيا ويمنع الطعام والشراب حتى يموت، وحكى أبو العباس بن القاص في التخليص عن الشافعي رضي الله عنه أنه قال: يصلب ثلاثا قبل القتل، ولا يعرف هذا للشافعي، والدليل على أنه يصلب بعد القتل قوله صلى الله عليه وسلم: إذا قتلتم فأحسنوا القتلة.
وإن كان الزمان باردا أو معتدلا صلب بعد القتل ثلاثا، وإن كان الحر شديدا وخيف عليه التغير قبل الثلاث حنط وغسل وكفن وصلى عليه وقال أبو علي بن أبي هريرة رحمه الله يصلب إلى أن يسيل صديده وهذا خطأ لان في ذلك تعطيل أحكام الموتى من الغسل والتكفين والصلاة والدفن، وإن مات فهل يصلب فيه وجهان.
(أحدهما) وهو قول الشيخ أبى حامد الأسفرايني رحمه الله أنه لا يصلب، لان الصلب تابع للقتل وصفة له، وقد سقط القتل فسقط الصلب، (والثاني) وهو قول شيخنا القاضي أبى الطيب الطبري رحمه الله أنه يصلب لأنهما حقان فإذا تعذر أحدهما لم يسقط الآخر.