بها النكاح فلا يثبت بها القصاص كالشاهد واليمين، فإن قلنا بقوله القديم وكانت الدعوى على جماعة وجب القود عليهم.
وقال أبو إسحاق رحمه الله لا يقتل إلا واحد يختاره الولي لأنها بينة ضعيفة فلا يقتل بها جماعة، وهذا خطأ لان الجماعة عندنا تقتل بالواحد، والقسامة على هذا القول كالبينة في إيجاب القود فإذا قتل بها الواحد قتل بها الجماعة.
(فصل) وإن كان المدعى جماعة ففيه قولان (أحدهما) أنه يحلف كل واحد منهم خمسين يمينا، لان ما حلف به الواحد إذا انفرد حلف به كل واحد من الجماعة كاليمين الواحدة في سائر الدعاوي.
والقول الثاني: أنه يقسط عليهم الخمسون يمينا على قدر مواريثهم لأنه لما قسط عليهم ما يجب بأيمانهم من الدية على قدر مواريثهم وجب أن تقسط الايمان أيضا على قدر مواريثهم، وإن دخلها كسر جبر الكسر، لان اليمين الواحدة لا تتبعض فكملت، فإن نكل المدعى عن اليمين ردت اليمين على المدعى عليه فيحلف خمسين يمينا لقوله عليه الصلاة والسلام (تبرئكم يهود منهم بخمسين يمينا) ولان التغليظ بالعدد لحرمة النفس، وذلك يوجد في يمين المدعى والمدعى عليه وإن كان المدعى عليه جماعة ففيه قولان:
(أحدهما) أنه يحلف كل واحد منهم خمسين يمينا.
(والثاني) أن الخمسين تقسط على عددهم، والصحيح من القولين ههنا أن يحلف كل واحد منهم خمسين يمينا، والصحيح من القولين في المدعين أنهم يحلفون خمسين يمينا، والفرق بينهما أن كل واحد من المدعى عليه ينفى عن نفسه ما ينفيه لو انفرد، وليس كذلك المدعون، فإن كل واحد منهم لا يثبت لنفسه ما يثبته إذا انفرد.
(فصل) فأما إذا لم يكن لوث ولا شاهد فالقول قول المدعى عليه مع يمينه لقوله صلى الله عليه وسلم (لو أن الناس أعطوا بدعواهم لادعى ناس من الناس دماء ناس وأموالهم ولكن اليمين على المدعى عليه) ولان اليمين إنما جعلت في جنبة المدعى عند اللوث لقوة جنبته باللوث، فإذا عدم اللوث حصلت القوة في جنبة المدعى عليه لان الأصل براءة ذمته وعدم القتل فعادت اليمين إليه.