(قال الشافعي) ولو قال أبيعك إلى يوم كذا لم يحل حتى يطلع الفجر من ذلك اليوم وإن قال إلى الظهر فإذا دخل وقت الظهر في أدنى الأوقات ولو قال إلى عقب شهر كذا كان مجهولا فاسدا (قال الشافعي) ولو تبايعا عن غير أجل ثم لم يتفرقا عن مقامهما حتى جددا أجلا فالاجل لازم وإن تفرقا قبل الأجل عن مقامهما ثم جددا أجلا لم يجز إلا بتجديد بيع وإنما أجزته أولا لأن البيع لم يكن تم فإذا تم بالتفرق لم يجز أن يجدداه إلا بتجديد بيع (قال) وكذلك لو تبايعا على أجل ثم نقضاه قبل التفرق كان الأجل الآخر وإن نقضا الأجل بعد التفرق بأجل غيره ولم ينقضا البيع فالبيع الأول لازم تام على الأجل الأول والآخر موعد، إن أحب المشترى وفى به وإن أحب لم يف به (قال الشافعي) ولا يجوز أن يسلفه مائة دينار في عشرة أكرار خمسة منها في وقت كذا وخمسة في وقت كذا لوقت بعده لم يجز السلف لأن قيمة الخمسة الاكرار المؤخرة أقل من قيمة الاكرار المقدمة فتقع الصفقة لا يعرف كم حصة كل واحدة من الخمستين من الذهب فوقع به مجهولا وهو لا يجوز مجهولا والله تعالى أعلم (1).
(قال الشافعي) ولا يجوز أن يسلم ذهب في ذهب ولا فضة في فضة ولا ذهب في فضة ولا فضة في ذهب ويجوز أن يسلم كل واحد منهما في كل شئ خلافهما من نحاس وفلوس وشبه ورصاص وحديد وموزون ومكيل مأكول أو مشروب وغير ذلك من جميع ما يجوز أن يشترى (قال الشافعي) وإنما أجزت أن يسلم في الفلوس بخلافه في الذهب والفضة بأنه لا زكاة فيه وأنه ليس بثمن للأشياء كما تكون الدراهم والدنانير أثمانا للأشياء المسلفة فإن في الدنانير والدراهم الزكاة وليس في الفلوس زكاة وإنما انظر في التبر إلى أصله وأصل النحاس مما لا ربا فيه فإن قال قائل فمن أجاز السلم في الفلوس؟
قلت غير واحد (قال الشافعي) أخبرنا القداح عن محمد بن أبان عن حماد بن إبراهيم أنه قال لا بأس بالسلم في الفلوس وقال سعيد القداح لا بأس بالسلم في الفلوس والذين أجازوا السلف في النحاس يلزمهم أن يجيزوه في الفلوس والله تعالى أعلم، فإن قال قائل فقد تجوز في البلدان جواز الدنانير والدراهم قيل: في بعضها دون بعض وبشرط وكذلك الحنطة تجوز بالحجاز التي بها سنت السنن جواز الدنانير والدراهم ولا تجوز بها الفلوس فإن قال الحنطة ليست بثمن لما استهلك قيل وكذلك الفلوس ولو استهلك رجل لرجل قيمة درهم أو أقل لم يحكم عليه به إلا من الذهب والفضة لا من الفلوس فلو كان من كرهها إنما كرهها لهذا انبغى له أن يكره السلم في الحنطة لأنها ثمن بالحجاز وفى الذرة لأنها ثمن باليمن فإن قال قائل إنما تكون ثمنا بشرط فكذلك الفلوس لا تكون ثمنا إلا بشرط ألا ترى أن رجلا لو كان له على رجل دانق لم يجبره على أن يأخذ منه فلوسا وإنما يجبره على أن يأخذ الفضة وقد بلغني أن أهل سويقة في بعض البلدان أجازوا بينهم خرفا مكان الفلوس والخزف فخار يجعل كالفلوس أفيجوز أن يقال يكره السلف في الخزف؟ (قال الشافعي) رحمه الله: أرأيت الذهب والفضة مضروبين دنانير أو دراهم أمثلهما غير دنانير أو دراهم لا يحل الفضل في واحد منهما على صاحبه لا ذهب بدنانير ولا فضة بدراهم إلا مثلا بمثل وزنا بوزن وما ضرب منهما وما لم يضرب سواء لا يختلف وما كان ضرب منهما ولم يضرب منهما ثمن ولا غير ثمن سواء لا يختلف لأن الأثمان دراهم ودنانير لا فضة ولا يحل الفضل في مضروبه على غير مضروبه الربا في مضروبه وغير مضروبه سواء فكيف يجوز أن يجعل مضروب الفلوس