متساومين قبل التبايع ثم يكونان بعد التساوم متبايعين ولا يقع عليهما اسم متبايعين حتى يتبايعا ويفترقا في الكلام على التبايع (قال) فقال فادللني على ما وصفت بشئ أعرفه غير ما قلت الآن (قال الشافعي) فقلت له أرأيت لو تساومت أنا وأنت بسلعة رجل امرأته طالق إن كنتما تبايعتما فيها؟ قال فلا تطلق من قبل أنكما غير متبايعين إلا بعقد البيع، قلت وعقد البيع التفرق عندك في الكلام عن البيع؟
قال نعم، قلت أرأيت لو تقاضيتك حقا عليك، فقلت والله لا أفارقك حتى تعطيني حقي متى أحنث، قال إن فارقته ببدنك قبل أن يعطيك حقك، قلت فلو لم تعرف من لسان العرب شيئا إلا هذا أما دلك على أن قولك محال وإن اللسان لا يحتمله بهذا المعنى ولا غيره؟ قال فاذكر غيره، فقلت له، أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن مالك بن أوس بن الحدثان أنه التمس صرفا بمائة دينار، قال فدعاني طلحة بن عبيد الله فتراوضنا حتى اصطرف منى وأخذ الذهب يقلبها في يده ثم قال حتى يأتي خازني أو حتى تأتى خازنتي من الغابة (قال الشافعي) أن شككت وعمر يسمع قال عمر والله لا تفارقه حتى تأخذ منه، ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الذهب بالورق ربا الا هاء وهاء، قلت له أفبهذا نقول نحن وأنت إذا تفرق المصطرفان عن مقامهما الذي تصارفا فيه انتقض الصرف وما لم يتفرقا لم ينتقض؟ فقال: نعم قلت له فما بان لك وعرفت من هذا الحديث أن التفرق هو تفرق الأبدان بعد التبايع لا التفرق عن البيع لأنك لو قلت تفرق المتصارفان عن البيع قبل التقابض لبعض الصرف دخل عليك أن تقول لا يحل الصرف حتى يتراضيا ويتوازنا ويعرف كل واحد منهما ما يأخذ ويعطى ثم يوجبا البيع في الصرف بعد التقابض أو معه، قال لا أقول هذا، قلت ولا أرى قولك التفرق تفرق الكلام إلا جهالة أو تجاهلا باللسان (قال الشافعي) قلت له أرأيت رجلا قال لك أقلدك فأسمعك تقول المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا والتفرق عندك التفرق بالكلام وأنت تقول إذا تفرق المتصارفان قبل التقابض كان الصرف ربا وهما في معنى المتبايعين غيرهما لأن المتصارفين متبايعان وإذا تفرقا عن الكلام قبل التقابض فسد الصرف قال ليس هذا له، قلت فيقول لك كيف صرت إلى نقض قولك؟ قال إن عمر سمع طلحة ومالكا قد تصارفا فلم ينقض الصرف ورأي أن قول النبي صلى الله عليه وسلم " هاء وهاء " إنما هو لا يتفرقا حتى تقاضا قلت تفرقا عن الكلام، قال نعم: قلت فقال لك أفرأيت لو احتمل اللسان ما قلت وما قال من خالفك أما يكون من قال بقول الرجل الذي سمع الحديث أولى أن يصار إلى قوله لأنه الذي سمع الحديث فله فضل السماع والعلم بما سمع وباللسان؟ قال بلى قلت فلم لم تعط هذا ابن عمر وهو سمع الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم " البيعان بالخيار ما لم يتفرقا " فكان إذا اشترى شيئا يعجبه أن يجب له فارق صاحبه فمشى قليلا ثم رجع ولم لم تعط هذا أبا برزة وهو سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم البيعان بالخيار وقضى به وقد تصادقا بأنهما تبايعا ثم كان معا لم لم يتفرقا في ليلتهما ثم غدوا إليه فقضى أن لكل واحد منهما الخيار في رد بيعه؟ (قال الشافعي) فإن قال قائل تقول إن قولي محال؟ قلت نعم قال فما أحسبني إلا قد اكتفيت بأقل مما ذكرت وأسألك قال فسل قلت أفرأيت إذ قال النبي صلى الله عليه وسلم البيعان بالخيار ما لم يتفرقا إلا بيع الخيار " أليس قد جعل إليهما الخيار إلى وقتين ينقطع الخيار إلى أيهما كان؟ قال لي قلت فما الوقتان؟ قال أن يتفرقا بالكلام، قلت فما الوجه الثاني؟ قال لا أعرف له وجها فدعه، قلت أفرأيت ان بعتك بيعا ودفعته إليك، فقلت أنت فيه بالخيار إلى الليل من يومك هذا وأن تختار إجازة البيع قبل الليل أجائز هذا البيع؟ قال نعم، قلت فمتى ينقطع خيارك ويلزمك البيع فلا يكون لك رده؟ قال إن انقضى اليوم ولم اختر رد البيع انقطع