وهب للرجل هبة أو تصدق عليه بصدقة غير محرمة فرهنها قبل أن يقبضها، ثم قبضها فهي خارجة من الرهن لأنه رهنها قبل يتم له ملكها فإذا أحدث فيها رهنا بعد القبض جازت، قال: وإذا أوصى له بعبد بعينه فمات الموصى فرهنه قبل أن تدفعه إليه الورثة فإن كان يخرج من الثلث فالرهن جائز لأنه ليس للورثة منعه إياه إذا خرج من الثلث والقبض وغير القبض فيه سواء وللواهب والمتصدق منعه من الصدقة ما لم يقبض وإذا ورث من رجل عبدا ولا وارث له غيره فرهنه فالرهن جائز لأنه مالك للعبد بالميراث، وكذلك لو اشتراه فنقد ثمنه ثم رهنه قبل يقبضه، وإذا رهن الرجل مكاتبا له فعجز المكاتب قبل الحكم بفسخ الراهن فالرهن مفسوخ لأني إنما أنظر إلى عقد الرهن لا إلى الحكم، وإن اشترى الرجل عبدا على أنه بالخيار ثلاثا فرهنه فالرهن جائز وهو قطع لخياره، وإيجاب للبيع في العبد، وإذا كان الخيار للبائع أو للبائع والمشترى فرهنه قبل مضى الثلاث وقبل اختيار البائع إنفاد البيع ثم مضت الثلاث أو اختار المشترى إنفاذ البيع فالرهن مفسوخ لأنه انعقد وملكه على العبد غير تام ولو أن رجلين ورثا رجلا ثلاثة أعبد فلم يقتسماهم حتى رهن أحدهما عبدا من العبيد الثلاثة أو عبدين، ثم قاسم شريكه واستخلص منه العبد الذي رهن أو العبدين، كانت أنصافهما مرهونة له لأن ذلك الذي كان يملك منهما وأنصافهما التي ملك بعد الرهن خارجة من الرهن إلا أن يجدد فيهما رهنا ولو استحق صاحب وصية منهما شيئا خرج ما استحق منهما من الرهن وبقى ما لم يستحق من أنصافهما مرهونا (قال الربيع) وفيه قول آخر أنه إذا رهن شيئا له بعضه ولغيره بعضه فالرهن كله مفسوخ لأن صفقة الرهن جمعت شيئين ما يملك وما لا يملك فلما جمعتهما الصفقة بطلت كلها وكذلك في البيع (قال) وهذا أشبه بجملة قول الشافعي ولو أن رجلا له أخ هو وارثه فمات أخوه فرهن داره وهو لا يعلم أنه مات ثم قامت البينة بأنه كان ميتا قبل رهن الدار كان الرهن باطلا ولا يجوز الرهن حتى يرهنه وهو مالك له ويعلم الراهن أنه مالك وكذلك لو قال قد وكلت بشراء هذا العبد فقد رهنتكه إن كان اشترى لي فوجد قد اشترى له لم يكن رهنا، قال فإن ارتهن قد علم أنه قد صار له بميراث أو شراء قبل أن يرهنه أحلف الراهن فإن حلف فسخ الرهن وإن نكل فحلف المرتهن على ما ادعى ثبت الرهن وكذلك لو رأى شخصا لا يثبته فقال إن كان هذا فلانا فقد رهنتكه لم يكن رهنا وإن قبضه حتى يجدد له مع القبض أو قبله أو بعده رهنا وهكذا إن رأى صندوقا فقال قد كانت فيه ثياب كذا، الثياب يعرفها الراهن والمرتهن فإن كانت فيه فهي لك رهن فلا تكون رهنا وإن كانت فيه وكذلك لو كان الصندوق في يدي المرتهن وديعة وفيه ثياب فقال قد كنت جعلت ثيابي التي كذا في هذا الصندوق فهي رهن وإن كانت فيه ثياب غيرها أو ثياب معها فليس برهن فكانت فيه الثياب التي قال إنها رهن لا غيرها فليست برهن وهكذا لو قال قد رهنتك ما في جرابي وأقبضه إياه والراهن لا يعرفه لم يكن رهنا وهكذا إن كان الراهن يعرفه والمرتهن لا يعرفه ولا يكون الراهن أبدا إلا ما عرفه الراهن والمرتهن وعلم الراهن أنه ملك له يحل بيعه ولا يجوز أن يرهنه ذكر حق له على رجل لأن ذكر الحق ليس بشئ يملك إنما هو شهادة على رجل بشئ في ذمته والشئ الذي في ذمته ليس بعين قائمة يجوز رهنها إنما ترهن الأعيان القائمة ثم لا يجوز حتى تكون معلومة عند الراهن والمرتهن مقبوضة ولو أن رجلا جاءته بضاعة أو ميراث كان غائبا عنه لا يعرف قدره فقبضه له رجل بأمره أو بغير أمره ثم رهنه المالك القابض والمالك لا يعرف قدره لم يجز الرهن وإن قبضه المرتهن حتى يكون عالما بما رهنه علم المرتهن. والله أعلم.
(١٥٧)