الرسالة - الإمام الشافعي - الصفحة ٧١
الاقبال (1) دلت سنة النبي (2) على أن الغنيمة المخموسة (3) في كتاب الله غير السلب إذ كان (4) السلب مغنوما (5) في الاقبال دون الأسلاب المأخوذة في غير الاقبال وان الأسلاب (6) المأخوذة في غير الاقبال غنيمة تخمس مع ما سواها من الغنيمة بالسنة (7)

(١) الاقبال بكسر الهمزة، وسيأتي معناه. وفي س الأنفال جمع نفل.
والكلمة مكتوبة في الأصل في أول السطر كما أثبتناها، فجاء بعض قارئي الأصل فكتب بجوارها على يمين السطر " نفال " لأنه يريد تصحيح كلمة الاقبال إلى الأنفال ولكنه تصحيح غير مستند إلى أصل ثابت. والمعنى صحيح في الكلمتين، ولكن ما في الأصل أعلى وأجود. وكذلك كتبت في النسخة المقروءة على ابن جماعة.
(٢) في ب و ج سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم (٣) الفعل ثلاثي. تقول: خمس مال فلان يخمسه - بفتح الميم في الماضي وضمها في المضارع: اخذ خمس ماله، والمصدر الخمس بفتح الخاء واسكان الميم.
(٤) في ج إذا كان.
(٥) قوله إذ كان السلب سقط من س، وقوله مغنوما كتب في س مفهوما وكل ذلك خطأ واضح.
(٦) في س وانما الأسلاب وهو خطأ.
(٧) كلمة بالسنة قدمت في ب بعد كلمة تخمس. وما هنا هو الموافق لأصل الربيع.
والاقبال ضد الادبار والمراد ان السلب الذي يعطيه الامام نفلا للمقاتل هو السلب الذي يؤخذ من المحارب المقبل، لا من المدبر المولي.
قال الشافعي في الام ٤: ٦٦ - ٦٧: ثم لا يخرج من رأس الغنيمة قبل الخمس شئ غير السلب. أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن عمر بن كثير بن أفلح عن أبي محمد مولى أبي قتادة عن أبي قتادة قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حنين، فلما التقينا كانت جولة للمسلمين، فرأيت رجلا من المشركين قد علا رجلا من المسلمين، قال: فاستدرت له حتى أتيته من ورائه، قال: فضربته على حبل عاتقه ضربة، واقبل علي فضمني ضمة وجدت منها ريح الموت، ثم أدركه الموت فأرسلني. فلحقت عمر بن الخطاب، فقلت له: ما بال الناس؟ فقال: أمر الله، ثم إن الناس رجعوا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه. فقمت فقلت: من يشهد لي؟ ثم جلست، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قتل قتيلا له عليه ببينة فله سلبه. فقلت من يشهد لي؟ ثم جلست، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه. فقمت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما لك يا أبا قتادة؟ فقصصت عليه القصة، فقال رجل من القوم: صدق يا رسول الله، وسلب ذلك القتيل عندي، فأرضه منه. فقال أبو بكر: لاها الله إذا، لا يعمد إلى أسد من أسد الله عز وجل يقاتل عن الله ورسوله فيعطيك سلبه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صدق، فأعطه إياه. فأعطانيه، فبعت الدرع وابتعت به مخرفا في بني سلمة، فإنه لأول مال تأثلته في الاسلام. قال الشافعي: هذا حديث ثابت معروف عندنا. والذي لا أشك فيه: ان يعطى السلب من قتل والمشرك مقبل يقاتل، من أي جهة قتله، مبارزا أو غير مبارز، وقد أعطى النبي صلى الله عليه وسلم سلب مرحب من قتله مبارزا، وأبو قتادة غير مبارز، ولكن المقتولين جميعا مقبلان. ولم يحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم انه اعطى أحدا قتل موليا سلب من قتله، والذي لا أشك فيه ان له سلب من قتل: الذي يقتل المشرك والحرب قائمة والمشركون يقاتلون، ولقتلهم هكذا مؤنة ليست لهم إذا انهزموا أو انهزم المقتول، ولا أرى ان يعطى السلب الا من قتل مشركا مقبلا ولم ينهزم جماعة المشركين. وانما ذهبت إلى هذا: انه لم يحفظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قط انه اعطى السلب قاتلا الا قاتلا قتل مقبلا. وفي حديث أبي قتادة ما دل على أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قتل قتيلا له سلبه يوم حنين: بعد ما قتل أبو قتادة الرحل. وفي هذا دلالة على أن بعض الناس خالف السنة في هذا، فقال: لا يكون للقاتل السلب الا ان يقول الامام قبل القتال: من قتل قتيلا فله سلبه. وذهب بعض أصحابنا إلى أن هذا من الامام على وجه الاجتهاد.
وهذا من النبي صلى الله عليه وسلم عندنا حكم، وقد اعطى النبي صلى الله عليه وسلم السلب للقاتل في غير موضع.
تنبيه: في نسخة الام في حديث أبي قتادة عام خيبر وهو خطأ من الطبع، صوابه عام حنين والحديث في موطأ مالك 2: 10 - 12 ورواه البخاري 6: 177 فتح وفي مواضع أخرى، ومسلم 2: 50 - 51 كلاهما من طريق مالك، وكذلك رواه غيرهما. والمخرف بفتح الميم واسكان الخاء المعجمة وفتح الراء: هو الحائط من النخل. وقوله تأثلته اي جمعته، يقال: مال مؤثل، ومجد مؤثل بوزن اسم المفعول: أي مجموع ذو أصل.
وبنو سلمة بفتح السين وكسر اللام.
(٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 66 67 68 69 70 71 72 73 75 76 77 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الجزء الأول 5
2 رموز النسخ 6
3 الخطبة 7
4 الصلاة على النبي 16
5 باب كيف البيان 21
6 باب البيان الأول 26
7 باب الثاني 28
8 باب الثالث 31
9 باب الرابع 32
10 باب الخامس 34
11 باب ما نزل من الكتاب عاما يراد به العام ويدخله الخصوص 53
12 باب ما أنزل من الكتاب عام الظاهر وهو يجمع العام والخصوص 56
13 باب بيان ما نزل من الكتاب عام الظاهر يراد به كله الخاص 58
14 باب الصنف الذي يبين سياقه معناه 62
15 باب ما نزل عاما دلت السند خاصة على أنه يراد به الخاص 64
16 بيان فرض الله في كتابه اتباع سنة نبيه 73
17 باب فرض الله طاعة رسول الله مقرونة بطاعة الله ومذكور كورة وحدها 79
18 باب ما أمر الله من طاعة رسول الله 82
19 باب ما أبان الله لخلقه من فرضه على رسوله اتباع ما أوحى إليه وما شهد له به من ابتاع ما أمر به ومن هداه وأنه هاد لمن اتبعه 85
20 ابتداء الناسخ والمنسوخ 106
21 الناسخ والمنسوخ الذي يدل الكتاب على بعضه والسنة على بعضه 113
22 باب فرض الصلاة الذي دل الكتاب ثم السنة على من تزول عنه العذر وعلى من لا تكتب صلاته بالمعصية 117
23 الناسخ (2) والمنسوخ الذي تدل عليه السنة والاجماع 137
24 باب الفرائض التي أنزل الله (1) نصا 147
25 الفرائض المنصوصة التي (6) سن رسول الله معها 161
26 الفرض المنصوص الذي دلت السنة على أنه إنما أراد به الخاص جمل الفرائض 167
27 جمل الفرائض 176
28 في الزكاة 186
29 [في الحج] 197
30 [في العدد (7)] 199
31 [في محرمات النساء] 201
32 الجزء الثاني 204
33 [في محرمات الطعام (3)] 206
34 [فيما تمسك عنه المعتدة من الوفاة (1)] 209
35 باب العلل في الأحاديث 210
36 وجه آخر 245
37 وجه آخر 251
38 وجه آخر من الاختلاف 267
39 اختلاف الرواية على وجه غير الذي قبله 276
40 وجه آخر مما يعد مختلفا وليس عندنا بمختلف 282
41 (3) وجه آخر من الاختلاف 297
42 [في غسل الجمعة (3)] 302
43 النهى (1) عن معنى دل عليه معنى في (2) حديث غيره 307
44 النهى عن معنى أوضح من معنى قبله 313
45 النهى عن معنى يشبه الذي قبله في شئ ويفارقه في شئ غيره 316
46 باب آخر 331
47 وجه يشبه المعنى الذي قبله 335
48 [صفة نهى الله ونهى رسوله] (1) 343
49 [باب العلم] (1) 357
50 [باب خبر الواحد] (3) 369
51 الجزء الثالث 389
52 الحجة في تثبيت خبر الواحد 401
53 [باب الاجماع] (2) 471
54 [القياس] (3) 476
55 [باب الاجتهاد] (1) 487
56 [باب الاستحسان] (4) 503
57 [باب الاختلاف (1)] 560