جعل البينة عدلا لرؤية السائل أو المخاطب استثناء من الأصل المحقق الثابت (صم للرؤية وأفطر للرؤية).
وأما الأخبار التي ورد فيها ذكر (بلد آخر، أو مصر) فمجمل القول فيها: أن الصحيحة الأولى لأبي بصير على خلاف المطلوب أدل، فإن الاستثناء المثبت (أن يقضي أهل الأمصار) عن حكم النفي (لا تقضه) يقتضي رؤية أهل الأمصار جميعا للهلال في آخر الشهر وقضائهم يوم الشك فيما إذا تركوه واتفاقهم على ذلك، دون رؤية أهل مصر واحد، وهذا يعني أن رؤية البلد الواحد لا تثبت أول الشهر لجميع البلاد.
وقد زعم بعضهم أن هذه الصحيحة هي أوضح الجميع دلالة على عدم اختصاص رأس الشهر القمري ببلد دون آخر، وإنما هو حكم وحداني عام لجميع المسلمين وأهل الصلاة كافة، مستشهدا بقوله:
(يقضي أهل الأمصار).
ولكن قد ظهر مما ذكرنا عدم دلالتها على ذلك، سواء كان (من جميع أهل..) متعلقا بقوله: (يثبت)، أو بالوصفين (شاهدان عدلان).
ويؤكد ما استظهرناه أن ثبوت الصوم والقضاء إن كان يكفي لرؤيته في بلد واحد فلا اعتبار لقوله: (جميع أهل الصلاة).
وأما الرواية الثانية: فهي ضعيفة سندا بالقاسم بن محمد