فرواية أبي داود مخدوشة بأبي عوانة، فضلا عن عمرو بن شعيب والتردد في جده، أما رواية النسائي فهي الأخرى مخدوشة بيعلى بن عبيد الطنافسي الذي صرح يحيى بن معين بضعف حديثه في خصوص سفيان - كما فيما نحن فيه - وكذا بعمرو بن شعيب والتردد في جده.
ولا أدري كيف يحكم النووي بصحة حديث عمرو بن شعيب وأنت ترى حاله؟
لا أحسب أن النووي فعل ذلك إلا لاعتقاده بعدم إمكان الاحتجاج بويل للأعقاب لكونها مجملة، فلجأ إلى ما يبينها (وهي رواية عمرو بن شعيب) وإن كانت ضعيفة جدا.
قال ابن حزم - بعد ذكره رواية مصدع في مسلم -: فكان هذا الخبر - ويعني به رواية مصدع (أبي يحيى الأعرج) عن عبد الله بن عمرو بن العاص - زائدا على ما في الآية وعلى الأخبار التي ذكرنا، وناسخا لما فيها ولما في الآية، والأخذ بالزائد واجب (1).
وقد كان ابن حزم قد وضح قبله دلالة الآية على المسح سواء قرئت بالخفض أم الفتح، وهي على كل حال عطف على الرؤوس، إما على اللفظ وإما على الموضع كما هو صريحه (2).
أما قوله (وعلى الأخبار التي ذكرنا) فكان يعني بها روايات الصحابة التي دلت على مسح الرجلين كرواية علي ورفاعة بن رافع وابن عباس و...
ومثله قوله (وناسخا لما فيها ولما في الآية) فكان يعني بها أن رواية مصدع ناسخة للآية الدالة على المسح ولأخبار المسح الصريحة.
لكن هذا الكلام غير صحيح لعدم وقوع النسخ في الوضوء في الشريعة المحمدية كما سيتضح لاحقا، إذ لو كان النسخ واقعا فعلا لكان أول من علمه علي وابن عباس وأنس، في حين نرى هؤلاء قد رووا المسح عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وفعلوا به، فلو كان المسح قد نسخ لما فعله صحابة أمثال هؤلاء. ولما اشتهر عنهم بأن مذهبهم المسح.
أضف إلى ذلك إن جمعا من التابعين قد ذهبوا إلى المسح قولا وفعلا، فلو كان