وهذا غير ما رواه وكيع عن سفيان عن منصور عن هلال بن يساف عن أبي يحيى، الذي ليس فيه سوى: أسبغوا الوضوء.
أما في رواية سفيان وعبد الرحمن عن منصور عن هلال بن يساف عن أبي يحيى هو مجئ قوله (صلى الله عليه وآله) ويل للأعقاب، لأنه (صلى الله عليه وآله) رأى قوما يتوضؤون وأعقابهم تلوح.
وفي رواية غندر (محمد بن جعفر) عن شعبة عن منصور عن هلال بن يساف عن أبي يحيى: أن النبي (صلى الله عليه وآله) أبصر قوما يتوضؤون لم يتموا الوضوء فقال: أسبغوا ويل...
وفي رواية أبي كريب عن عبد الله عن إسرائيل عن منصور عن هلال عن أبي يحيى.... أنه قال ويل للأعقاب، لأنه رأى أقدامهم بيضاء من أثر الوضوء.
وأنت تعلم بأن رواية وكيع عن سفيان... هي أرجح مما رواه غندر وجرير بن عبد الحميد عن أبي يحيى.
وكذا تعلم بأن فيما رواه وكيع عن سفيان عن منصور هو وجود جملة (أسبغوا الوضوء)، وهذه الجملة لا دلالة لها على غسل الرجلين.
أما ما رواه سفيان وعبد الرحمن عن سفيان عن منصور ففيها جملة (وأعقابهم تلوح) وهذه الرواية ساكتة عن معنى اللوح - وإن كانت قد وضحت في رواية جرير عن منصور عن أبي هلال عن أبي يحيى بأن أعقابهم تلوح لم يمسها ماء لكنها لم تكن هي العلة: لاحتمال أن يكون اللوح في الأقدام جاء لوجود نقطة يابسة لم تغسل في الرجل، وقد تكون لأجل وجود نجاسة ظاهرة في الأعقاب، أو لأوساخ ظاهرة لا يمكن الوقوف معها على النجاسة في الرجل إلا بعد رفعه، وقد تكون تلوح لكونها مغسولة.
ومع وجود هذه الاحتمالات المتساوية في القوة لا مجال لترجيح أحدها على الآخر، وبذلك تبقى الرواية على إجمالها ولا يمكن الاستفادة منها في الاستدلال.
ولنرجع إلى ما احتملناه من أن النبي قد يكون رآها مغسولة فنهى عنها، لعدم وجود حكم من الشارع للأعقاب بالخصوص لا غسلا ولا مسحا، فما احتملناه وإن كان بعيدا عن فهم الآخرين إلا أن له وجها معقولا، وخصوصا لو لاحظنا ما رواه ابن جرير عن أبي كريب عن عبيد الله عن إسرائيل عن منصور: إن القوم توضؤوا