- إنه حين الثورة عليه كان يحاول تكثيف هالة القدسية حول نفسه ليدفع الثوار عن قتله، فكان يذكرهم مواقفه وشراءه بئر رومة و و و (1) ليثبت بقاءه على الإيمان، فكان الوضوء الجديد خطوة في هذا الدرب، إرادة منه معالجة الموقف، لكنه عالج الداء بالداء لا بالدواء.
- كان يحاول إشغال الناس بالخلافات الفقهية، والمناقشات فيها، لدفعهم عن قتله وعن الخوض في مساوئ سياسته المالية والإدارية، وذلك ما حصل بالفعل في كثير من آرائه، إلا أن النتيجة لم تكن محمودة العاقبة بالنسبة له، ولذا قال الإمام علي بأن عمله هو الذي أجهز عليه.
- ومن أهم دوافع إبداعاته هو التفاف الأمويين حوله، محاولين بناء مجد فقهي سياسي جديد، وهذا هو الذي أبعد بعض كبار الصحابة من التعاون معه، مما خلق عنده فراغا فقهيا ملأته العقلية الأموية المحيطة به.
- وجود حالة الاستسلام عند كثير من الصحابة، والتي جعلت الخليفة لا يتورع عن طرح ما يرتأيه، لأن غاية معارضتهم أن تنتهي بمجرد قوله: " رأي رأيته "، أو بقولهم: " الخلاف شر "، و " إن عثمان إمام فما أخالفه " (2)، مما يعني رسوخ ما يطرحه الخليفة في نهاية المطاف.
- تفشي حالة الاجتهاد، وتلقيها بالقبول من قبل كثير من الصحابة، مما أهلهم لاستقبال ما يطرحه عثمان كرأي مقبول، وقد تفشت هذه الحالة نتيجة اجتهادات وآراء عمر بن الخطاب بشكل كبير جدا، ومن قبله آراء الخليفة أبي بكر.
فمن كل هذه الأمور - وأمور جزئية أخرى طرحناها من قبل في مدخل الدراسة - وجدنا هذه المبررات هي التي دفعت عثمان لابتداع الوضوء الثلاثي الغسلي الجديد، الذي لم يرتضه الصحابة المتعبدون!!