يقتضي الاستدلال به (1) إلى الاستدلال ب " ويل للأعقاب من النار "، وهذا العدول يكمن وراءه ادعاء أم المؤمنين - ومن ورائها الأمويون، وعثمان من قبل - دلالة " ويل للأعقاب " على الوضوء الغسلي، كما ترسخ ذلك الفهم حتى اليوم عند أتباع مدرسة الاجتهاد والرأي.
ومحصل الكلام إن هذا النص يوقفنا على الاختلاف بين وضوء عبد الرحمن والوضوء الذي أرادته أم المؤمنين عائشة، وحيث عرفنا أن عائشة بقولها السابق أرادت التدليل على الغسل، عرفنا من مفهوم المخالفة أن عبد الرحمن كان يذهب إلى المسح على القدمين.
وجاء أبو هريرة ليصنع نفس صنيع أم المؤمنين، وذلك أنه رأى قوما يتوضؤون من المطهرة، فقال: أسبغوا الوضوء، فإني سمعت أبا القاسم يقول: " ويل للعراقيب من النار " (2).
وقد مثل غير واحد من العلماء (3) للإدراج بحديث أبي هريرة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) " أسبغوا الوضوء، ويل للأعقاب من النار " لكونهما لم يصدرا على هذا النسق من النبي (صلى الله عليه وآله)، وهذا يدلنا على أن أبا هريرة كان يريد الاستفادة - كعائشة - من " الويل للأعقاب " أو (العراقيب) للتدليل على الوضوء الغسلي العثماني.
ويتضح ذلك بجلاء فيما أخرجه عبد الرزاق، عن ابن جريح، قال: قلت لعطاء:
لم لا أمسح بالقدمين كما أمسح بالرأس، وقد قالهما جميعا (4)؟
قال: لا أراه إلا مسح الرأس وغسل القدمين، إني سمعت أبا هريرة يقول: ويل للأعقاب من النار.
قال عطاء: وإن أناسا ليقولون هو المسح، وأما أنا فأغسلهما (5).