فاطلع وداود يتهيأ للصلاة من حيث لا يراه، فأسبغ داود بن زربي الوضوء ثلاثا ثلاثا كما أمره أبو عبد الله، فما تم وضوءه حتى بعث إليه أبو جعفر المنصور فدعاه.
قال: فقال داود: فلما أن دخلت عليه رحب بي، وقال: يا داود قيل فيك شئ باطل، وما أنت كذلك، قد اطلعت على طهارتك وليس طهارتك طهارة الرافضة، فاجعلني في حل، وأمر له بمائة ألف درهم.
قال: فقال داود الرقي: التقيت أنا وداود بن زربي عند أبي عبد الله، فقال له داود بن زربي: جعلت فداك حقنت دماءنا في دار الدنيا، ونرجو أن ندخل بيمنك وبركتك الجنة.
فقال أبو عبد الله: فعل الله ذلك بك وبإخوانك من جميع المؤمنين، فقال أبو عبد الله لداود بن زربي: حدث داود الرقي بما مر عليكم حتى تسكن روعته.
فقال: فحدثته بالأمر كله.
قال: فقال أبو عبد الله: " لهذا أفتيته، لأنه كان أشرف على القتل من يد هذا العدو " ثم قال: يا داود بن زربي توضأ مثنى مثنى ولا تزيدن عليه، فإنك إن زدت عليه فلا صلاة لك (1).
فالإمام الصادق علم السياسة المنصورية التي تتحين الفرص، وعلم أن داود بن زربي قد وشي به إلى السلطة عبر الوضوء الثنائي المسحي، فعالج الموقف علاجا حكيما.
والذي يتضح هنا هو اتخاذ المنصور هذه المفردة الوضوئية كرقم يدل على متابعة مدرسة التعبد المحض والتحديث، وهي مدرسة جعفر بن محمد الصادق، وكان هذا الرقم كافيا لقتل من يؤمن به.
المهدي والوضوء وكان نفس هذا المسلك عند المهدي العباسي، فإنه كان يريد معرفة المخترقين