دلالة الكتاب على المسح لأنه أرسله إرسال المسلمات طبق أصل تشريعه وهو آية الوضوء الظاهرة في مسح القدمين، ثم دحض الرأي الذي لو سلم لكان الباطن أحق بالمسح، وعلى التقديرين فالمسح هو المشروع سواء كان الظاهر أو الباطن، وبعد كل ذلك أكد علي بن أبي طالب رؤيته النبي (صلى الله عليه وآله) وهو يمسح أعلى قدميه.
وكذلك ابن عباس كان يقول " لا أجد في كتاب الله إلا غسلتين ومسحتين ".
وكان أنس يعارض رأي الحجاج الذاهب إلى غسل القدمين - بحجة أنه أقرب شئ للخبث - بقوله: صدق الله وكذب الحجاج، قال تعالى: * (وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم) *.
والمقصود الأول هنا هو تدليلات الإمام علي بالكتاب والسنة ودحض الرأي، وهذا بخلاف وضوءات عثمان المدعية لمحض الرؤية والمتشبثة بما لا يمت إلى أصل أفعال الوضوء بصلة، فكأن الإمام عليا أراد أن يشير إلى اجتهاد عثمان في الوضوء ودحضه.
- وبعد هذا كله فإننا لا نرى في وضوءات علي ولا ابن عباس ولا أنس ولا غيرهم من الماسحين تلك الضحكات والتبسمات، ولا إشهادات الخائف الطارح لفكر جديد، ولا تبرعات بالتعليم لمجرد سماع مضمضة، ولا غيرها مما ذكرناه في الوضوءات العثمانية، بل نرى الحالة حالة طبيعية منسجمة مع سير الأمور في تعليم الوضوء النبوي (صلى الله عليه وآله) الصحيح، ودحض الوضوء الجديد النابع من الرأي، إذ كانت نصوصهم تحوي النفي والاثبات معا.
الأمويون والوضوء:
ولما استشهد الإمام علي وصالح الإمام الحسن معاوية، تولى الأخير السلطة، فراح يترسم خطى عثمان فقهيا ويدعمه عقائديا، ويتبنى آراء ابن عمه، كما حدث ذلك عندما صلى الظهر في مكة ركعتين، فنهض إليه مروان بن الحكم