وضوء النبي (ص) - السيد علي الشهرستاني - ج ٢ - الصفحة ٤٤
صريحا في إبداع عثمان للوضوء، لأنه (عليه السلام) صرح بابتداع الولاة من قبله، ولما كان الشيخان براء من بدعة الوضوء بقي عثمان هو المقصود في كلام الإمام لا محالة.
- كتابة الإمام علي كيفية الوضوء لواليه محمد بن أبي بكر في جملة ما كتبه إليه، وكان في كتابه (عليه السلام) " تمضمض ثلاث مرات، واستنشق ثلاثا، واغسل وجهك، ثم يدك اليمنى، ثم اليسرى، ثم امسح رأسك ورجليك... فإني رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يصنع ذلك " (1).
- تنبيه وإشارة الإمام علي - في جملة أحاديثه الوضوئية - إلى أن مبعث الإحداث في الوضوء هو الاجتهاد والرأي، وأن الوضوء - بل الدين - لا يدرك بالرأي، فكان يقول: " لو كان الدين بالرأي لكان باطن القدم أحق بالمسح من ظاهرها، لكن رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) مسح ظاهرها " (2)، ويقول: " كنت أرى أن باطن القدمين أحق بالمسح من ظاهرهما حتى رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يمسح ظاهرهما " (3).
فهو يقرر أن الدين - ومنه الوضوء - لا يدرك بالرأي كما يتصوره البعض، وإلا لكان باطن القدم أحق بالمسح، فكيف يعدل عنه إلى غسل الظاهر والباطن بمحض الرأي والاجتهاد؟!
- كانت وضوءات الإمام علي البيانية - وكذلك ابن عباس وأنس بن مالك - تحمل في ثناياها أدلة من الكتاب والسنة، وليست ادعاءات محضة لرؤية الوضوء النبوي، لأن قول علي: " لو كان الدين بالرأي لكان باطن القدم أحق بالمسح من ظاهرها لكن رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يمسح على أعلى قدميه " (4)، وما شاكله يتضمن

(١) انظر أمالي المفيد المطبوع في جملة مصنفاته ١٣: ٢٦٧، أمالي الطوسي: ٢٩ بإسناد في ضمنه الثقفي صاحب الغارات، وقد حرف النص المتقدم في كتاب الغارات المطبوع وقد بينا التحريف الواقع في نسخ الغارات المطبوع، ومن أراد المزيد فليراجع مدخل الدراسة.
(٢) المصنف ١: ٣٠ / الحديث ٦.
(٣) سنن أبي داود ٤٢: الحديث ١٦٤.
(٤) تأويل مختلف الحديث 1: 56.
(٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 ... » »»
الفهرست