الوضوء الثلاثي الجديد، وللإجابة عن ذلك رأينا أولا أن ننظر في سبب مقتله، لأننا توصلنا إلى أن السبب الأكبر الذي دعا قاتليه إلى قتله هو إحداثاته في الدين، لا مجرد تصرفاته وسوء سياسته المالية والإدارية، وذلك من خلال ملاحظة القضايا الرئيسية التالية:
1 - إن طلحة والزبير كانا من أوائل المؤلبين عليه والمفتين بقتله، مع أن عثمان أغدق عليهما الأموال بشكل عجيب (1)، وكذلك الأمر بالنسبة لعبد الرحمن بن عوف (2)، مضافا إلى وعد عثمان إياه بالخلافة (3)، وهكذا كان عثمان يغدق الأموال على باقي الصحابة - إلا نفرا يسيرا - فمن غير المنطقي أن يقتلوه لإيثاره أقرباءه فقط مع حصولهم على نصيب وافر من المال، بل هناك أسباب دينية وابتداعات جعلتهم يقتلونه - ربما يكون بعضها في المكاتبات التي كره الطبري ذكرها (4)، وربما كانت من الأسباب التي جعلها الناس ذريعة إلى قتله، والتي ترك ابن الأثير ذكر كثير منها (5).
2 - إن سياسة عثمان المالية الطبقية كانت تستوجب عزله لا قتله (6)، وبما أن الصحابة بين قاتل وخاذل له - حسب تعبير ابن عمر - كان لا بد من وجود سبب مبيح لدمه، ولعله الإحداث في الدين لا في التصرفات الخارجية حسب.