وثانيا: قد وردت أخبار صحاح من طريق الجمهور عن كل من أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، وعثمان بن عفان وعبد الله بن زيد وعبد الله بن عباس رضي الله عنه بأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) مسح ظهر قدميه حين الوضوء كما سيأتي تفصيلها عن قريب إن شاء الله تعالى. وهي معارضة لصحاح غسلها، فإما أن نرجحها عليها لموافقتها للقرآن، وإما أن نقول: أنهما تتساقطان، لتعارضهما، فنرجع إلى القرآن الذي لا غسل فيه. على أنه يصح القول بأن أخبار الغسل يمكن حملها على ما ذكر من التنظف والتبرد.
وأما رواية ربيع بنت معوذ فحسبها من الوهن نقاش حبر الأمة عبد الله بن عباس (رضي الله عنه) فيها فإنه بعد أن سمعها، ذهب إليها وسألها وأبدى تعجبه عندها قائلا:
(أبى الناس إلا الغسل، ولا أجد في كتاب الله إلا المسح) (1) - مع تطرق الوهن إلى خبرها من جهات أخرى، وهي أنها جاءت بما يخالف إجماع الأمة في ثلاثة أمور:
1 - ذكرت بأن النبي (صلى الله عليه وآله) تمضمض واستنشق بعد غسل الوجه.
2 - وذكرت في مسح الرأس بأنه (صلى الله عليه وآله) بدأ بمؤخر رأسه.
3 - وذكرت بأنه (صلى الله عليه وآله) مسح أذنيه بعد غسل الرجلين.
وأما ما روي عن ابن مسعود وابن عباس (رضي الله عنه): (رجع الأمر إلى الغسل) فيكفيك ما قال ابن التركماني بالنسبة إلى الأول: (وفي سنده قيس بن ربيع سكت عنه البيهقي). وقال: (ضعيف عند أهل العلم بالحديث) (2).
وما قال العيني بالنسبة إلى الثاني: (وما ذكر عن ابن عباس (رضي الله عنه) - يعني في المسح - قال محمد بن جرير: إسناده صحيح، الضعيف الثابت عنه أنه كان يقرأ:
* (وأرجلكم) * - بالنصب - فيقول: عطف على المغسول) (3).
وما حكي عن التوسط: (فقد نقل ابن التين التخيير عن بعض الشافعيين ورئي عكرمة يمسح عليها، وثبت عن جماعة يعتد بهم في الإجماع بأسانيد صحيحة