والتنسيق بين هذه الأجهزة، وهي تنمو وتتطور، ليكون الانسان في أحسن تقويم، وتنتهي عملية التخلق في نهاية الشهر الثالث تقريبا، ويكون طول الجنين عندها (10) سم، ويزن حوالي (55) غ. ويمكن تسمية هذه المرحلة بمرحلة المضغة المخلقة. فطور المضغة يمر إذا بمرحلتين: المرحلة الأولى حيث لم يتشكل فيها أي عضو أو جهاز وأسميناها مرحلة المضغة غير المخلقة، والمرحلة الثانية حيث تم فيها تمييز الأجهزة المختلفة وأسميناها مرحلة المضغة المخلقة، وهكذا يتضح جليا إعجاز القرآن الكريم في وصفه لطور المضغة بقوله: (ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة) [الحج: 5].
اللغز المحير: لابد أن يستوقفنا ونحن نتكلم عن عملية التخلق سؤال هام، وهو: كيف يمكن للخلايا المضغية Embryoblast المتماثلة تماما في بنائها أن تعطي هذه الوريقات الثلاث " الداخلية والخارجية والمتوسطة " المختلفة عن بعضها البعض؟، ثم كيف يمكن للخلايا المتماثلة في كل وريقة على حدة أن تعطي الأجهزة المختلفة في بنائها ووظائفها وخصائصها؟ (1)... فالوريقة الخارجية مثلا يتشكل منها: الدماغ، والأعصاب، وبشرة الجلد ولواحقه من الغدد والاشعار والأغشية المخاطية بالفم والأنف. والوريقة المتوسطة يتشكل منها:
القلب والأوعية الدموية، والدم، والعظام، والعضلات، والكليتين، وأدمة الجلد، وقسم من الغدد الصماء، أما الوريقة الداخلية، فيتشكل منها: مخاطية الجهاز التنفسي، والطريق الهضمي، والغدة الدرقية، والغدة جار الدرقية، والكبد، والبنكرياس.. وهكذا، أجل، كيف تم ذلك؟ ومن الذي دفع هذه الخلايا المتماثلة الضعيفة لتعطي كل هذا من مراكز التفكير والشعور والابداع؟
وكل هذا من مصانع الدم والسكاكر والبروتين؟ وكل هذا من أجهزة التكيف والراحة ومن وسائل الوقاية والحماية والامن في الجسم؟ إنه اللغز الذي حير وما زال يحير كل علماء الدنيا حتى يعلموا أن المبدع والموجه في هذه الحياة، هو الله... ويوم يصلون إلى حل هذا اللغز فسيوقنون أكثر أنه (هو الله الخلق