الحروق وحس الألم قال تعالى: (إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب) [النساء: 56] توحي الآية الكريمة إلى أن السبب في تبديل الله جلود الكافرين المحترقة بغيرها، هو أن يذوقوا أشد العذاب طيلة وجودهم في النار فما هو السر في ذلك؟
يبين لنا التشريح المجهري للجلد أنه عضو غني بالألياف العصبية التي تقوم باستقبال ونقل جميع أنواع الحس من المحيط الخارجي، وذلك إما عن طريق النهايات العصبية الحرة، أو المعمدة، وتوجد هذه النهايات في جميع طبقات الجلد: البشرة والأدمة والنسيج تحت الأدمة، وهي تنقل حس الألم والحرارة والضغط والبرودة وحس للمس، وهناك نهايات عصبية ذات وظيفة إفرازية ومنظمة، تعصب غدد الجلد والأجربة الشعرية والأوعية الدموية. أما النسج تحت الجلد كالنسج الشحمية والنسيج الضام والعضلات والمفاصل، فهي أكثر تعصبيا بمستقبلات حس الضغط والوضعية من الجلد ولكنها أقل تعصيبا بمستقبلات الألم والحراة واللمس بشكل كبير، لذلك عندما يحقن الشخص بإبرة فإنه يشعر بذروة الألم عندما تجتاز الإبرة الجلد ومتى تجاوزت الجلد الأنسجة الأخرى يخف الألم.
والجلد عندما يتعرض للحرق يؤدي ذلك للاحساس بألم شديد جدا، لان النار تنبه مستقبلات الألم، والتي هي النهايات العصبية الحرة، كما ينبه إضافة لذلك مستقبلات الحرارة، والتي هي جسيمات توجد في الأدمة وتحت الأدمة وتسمى جسيمات رافيني Rafini، وتكون آلام الحرق على أشدها عندما يبلغ الحرق النسيج تحت الأدمة، ويسمى بالحرق من الدرجة الثالثة، وإذا امتد الحرق للأنسجة تحت الجلد يصبح الألم أخف لان هذه الأنسجة أقل حساسية للألم كما ذكرنا.