الصيام قال تعالى في سورة البقرة: (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) [البقرة: 183].
وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " صوموا تصحوا ".
قبل البحث عن الصيام من الوجهة الطبية، يجب أن نشير إلى ناحية هامة، وهي أن الصيام في القرآن عبادة يجب الامتثال بها لأمر الخالق العظيم، ولا يجوز تعليقها بما يكشفه لنا العلم، فمجال العلم، مهما ارتقى محدود، ولا يمكن له أن يستوعب كامل حكمة الله، في كل ما يروض عليه الكائن البشري، أو كل ما يروض به هذا الكون بشكل عام. ولكن هذا لا يمنع من التحدث عما تكشف عنه الملاحظة أو يكشف عنه العلم من فوائد للتوجيهات الإلهية.
- الصوم نظام حياتي غذائي دوري، يلتزم به الانسان المؤمن شهرا في كل عام، وله تأثيره العميق على نفسيته وجسمه، وهو تدبير وقائي، كما هو إجراء علاجي لكثير من الحالات المرضية، ولعل الجهاز الهضمي أكثر الأجهزة تأثرا بهذا النظام، ولذلك فسنبدأ البحث بلمحة موجزة عن غريزة الهضم عند الانسان:
يشترك الفم وغدده اللعابية، والمعدة وغددها ومفرزاتها، والكبد والبنكرياس ومفرزاتهما الهضمية والصفراوية، والأمعاء ومفرزاتها المعوية، تشترك كلها في عملية الهضم، لتحول لقمة الطعام، إلى مستحلب قابل للامتصاص في الأمعاء، ويحمل الدم هذه الأغذية الممتصة إلى الكبد حيث يقوم الكبد بتصفيتها، واختزان الزائد منها، وإعطاء البدن ما يحتاجه منها بشكل دقيق، ولا تنتهي عملية الهضم عند هذا الحد، بل تتوزع الأغذية بواسطة شرايين البدن إلى كل خلية فيه ولكن بالشكل المبسط الذي تستطيع أن تستفيد منه في الحصول على طاقتها، وعلى العناصر الأساسية لها، من حموض أمينية ودسمة ومواد أخرى لعمليات البناء والتكاثر والنمو، وتعطي هذه الخلايا ما تحويه من فضلات وبقايا تلك العمليات