كلمات لابد منها القرآن الكريم هو المعجزة المتفجرة في كل آن، الخالدة على مر الزمان، وهو الآية الكبرى التي أيد الله بها رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، فوجد بها الفوج المؤمن الأول أبلغ البيان على صدق دعواه، ويجد فيها الناس اليوم سلسلة لا نهاية لها من الاعجازات تتجلى سواء في أسلوب البلاغي، أو في نظامه الاجتماعي والسياسي والاقتصادي أوفي منهجة التربوي والخلقي، أو في نظرته الثابتة إلى الوجود والانسان، أو في إشارته العلمية، للكون والخلق، وحتى في ترتيب آياته وكلماته. وفي تعداد حروفه وكلماته: (وما فرطنا في الكتاب من شئ) [الانعام:
38]، ولا غرابة في أن كل من وقف أمام القرآن شعر أنه أمام كتاب فريد، يختلف تماما عن كل كتب الأرض التي تعد بالملايين.
صحيح أن القرآن لم ينزل كتابا في الطب أو في أي فرع من العلوم، وهو قبل كل شئ منهج للانسان وعقيدة للحياة، ولكنه منهج كامل فيه (تبيانا لكل شئ)، ضرب الله فيه للانسان من كل الأمثال: (ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس من كل مثل، وكان الانسان أكثر شئ جدلا) [الكهف: 54] ولذلك فلا عجب أن نجد أن الله قد بين فيه الانسان ما يهمه لحفظ صحته، وأرسى لذلك أسسه العريضة، كما لفت نظره إلى آيات الخلق، وحثه على البحث والتأمل، حتى غدت آيات القرآن الكريم معالم في طريق العلم، تمده وتضعه دوما في مساره الصحيح، ليؤدي وظيفته في حياة البشر، ولا نكون مغالين إذا قلنا إن شقاء البشرية اليوم، رغم تقدمها التكنولوجي الكبير، يعود لعدة أسباب من أهمها، اندفاعها في ركب العلم على غير هدى، وبدون أية ضوابط أخلاقية أو إنسانية، ولذلك لم يفد أوربا وأمريكا علومهما عن مضار الخمر والمخدرات والزنا في، الحد من ويلاتها المدمرة، كما أننا لا نستغرب إذ نسمع أن معدل العمر الوسطي للبدء في التدخين في الدول الاسكندنافية (السويد والدانمرك والنرويج) هو (8) سنوات.